الناس معادن كالذهب والفضة والنحاس , فمنهم الكريم ومنهم اللئيم , ولكل منهما صفات يعرف بها وسمات يتصف بها , وقد بين شاعر العراق الكبير ( ابو الطيب المتنبي ) بعضا من تلك الصفات , حين انشد قائلا : 

إذا أنت اكرمت الكريم ملكته *** وإن أكرمت اللئيم تمردا

فإذا أكرمت الكريم ؛ فقد ملكته بإحسانك وإن أحسنت للكريم شكرك وعرف لك هذا الجميل وذكرك بالذكر الطيب الحسن، وقد يكافأك على معروفك، ويكون مديونا لك به طيلة عمره، فالكريم ان قدمت له معروفاً ستملك قلبه و تنال محبته ومودته ، وقد نسب هذا الحديث للنبي محمد والذي يؤكد هذه المثل الإنسانية والقيم الاخلاقية  : ( من أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أن قد كافأتموه ) وكذلك جاء عنه : (  لا يشكر الله من لا يشكر الناس  )  وجاء ايضا في التراث الاسلامي : ( من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق ) وقد اتفق الناس قديما وحديثا على أنّ الإنسان عبد الإحسان أي أنّ الإنسان يتأثر بمن أحسن إليه ويجد في قلبه كل معاني الشكر والوفاء له , وقيل قديماً :  أن النفس جبلت على حب من أحسن إليها , لذلك ادعى البعض بان رد الاحسان بالإحسان هو الاصل في الانسان السوي وصاحب الفطرة السليمة .

وأما اللئيـــم ؛ ان اكرمته كفر بنعمتك , وإن أحسنت إليه لم يشكر إحسانك , بل قد يظن أنك أكرمته خوفاً منه , ويرى تواضعك ذلٱ وهوانا ، فيتمرد عليك عند الإحسان للؤم طبعه وخسة معدنه , وينكر الجميل وينساه بل يتناساه ؛ لذا قيل قديما : (   أن نكران الجميل من شيم اللئام  )  بل ان  اللئيم لا يزيده العطاء والإكرام إلا لؤما ونكرانا وتطاولا وتكبرا , وقد يشعر اللئيم أن في إحسان الغير إليه عيبا وإهانة ؛ لكنه لنقصه يأخذه، ثم بلؤمه ينكره , وهكذا يتوهم الناقص اللئيم في لاوعيه المريض أن النكران يريحه من حمل ذلك العيب وعبء تلك الإهانة , فبعد كل احسان يزداد اللئيم لؤما وحقدا وحسدا , لذا قيل قديما : (اتق شر من أحسنت إليه )  اذ  تبقى النفوس الخبيثة خبيثة ولو أعطيتهم من الوُدِّ أطنانًا , وقد استشرت هذه الظاهرة السلبية والخلق الوضيع كالسرطان بين الكويتيين , فالشخصية الكويتية تعاني من عدة عقد تجاه الوطن الام ( العراق ) وابناء الامة العراقية , أولها الشعور بالنقص وعدم الانتماء والنرجسية واخرها نكران الجميل والحقد والبغضاء ؛ وقد أورثت هذه العقد الشخصية الكويتية اللؤم حتى شاع بين العرب تسميتهم ب ( يهود العرب ) فالكويتي يشعر بالحقد والحسد عندما يرى العراقي , ويصاب بالحزن والاحباط عندما يرى العراق بخير , وذلك بسبب الارث الاستعماري البريطاني الخبيث , و التربية المنكوسة والمخزون الثقافي والطائفي الموجه ضد العراق والعراقيين ؛ فمهما قدم العراق والعراقيين من عطايا وهبات وتسهيلات وتنازلات  للكويت والكويتيين ؛ تأتي ردود الفعل الكويتية حاقدة ومنكوسة ومنحرفة عن الفطرة السليمة والقيم العربية والاسلامية ومبادئ حسن الجوار , نتيجة لمؤثرات تربوية وثقافية وسياسية حاقدة ومنكوسة .

فعلى الرغم من عراقية الكويت التاريخية , وتعامل السلطات هناك على احداث التغييرات الديموغرافية من خلال طرد سكان الكويت الاصلاء ومن ذوي الاصول العراقية العريقة  والمجيء بالغرباء والدخلاء والاجانب من شذاذ الافاق واعراب البوادي والقفار , كان العراق والعراقيون محافظين على حسن الجوار ومقابلة سكان الكويت بالإحسان والتعامل معهم بالأخلاق العراقية الاصيلة والعادات والتقاليد العربية الكريمة , ومع ذلك قابلوا الاحسان بالإساءة والكرم بالخبث , حتى وصل الامر بهم الى الطعن بشرف العراقيات وامام الملأ , وقبلها تامروا على الملك غازي ثم الزعيم عبدالكريم قاسم , وقاموا وبمعية حكام الخليج الاخرين ومن وراءهم الامريكان بإغواء العميل المنكوس صدام لشن الحرب على ايران , دفاعا عنهم , وقد اعترف صدام فيما بعد بهذه المؤامرة التي دمرت العراق واهلكت العراقيين بينما عاش سكان الخليج بأمن وامان وسعادة وطمأنينة وتطورت دولهم ومدنهم على حساب ملايين الضحايا العراقيين والايرانيين , ولم تكتف الكويت بهذا الاجرام بل راحت تضيق على العراقيين وتصعب عليهم الاقامة في الكويت او اجراءات الحصول على الفيزا , وسلمت صدام الكثير من المعارضين والسياسيين ورجال الدين العراقيين , ثم تامروا اقتصاديا على العراق ولم تثمر كل جهود المساعي الحميدة معهم , وتمادوا بعدوانهم الغاشم من خلال سرقة النفط العراقي واغراق السوق بالنفط والاضرار بأسعار النفط , ثم غضب الله عليهم وسلط عليهم صدام الذي ازروه وساندوه وساعدوه من اجل الفتك بالعراقيين وتدمير العراق , فجعلهم كالعصف المأكول , وجيشوا الجيوش ضد العراق وشنوا عليه حربا شعواء اهلكت الحرث والنسل , ولم يكتفوا بذلك , فقد فرضوا على العراق حصارا اقتصاديا قاسيا أكل اللحم ودق العظم وعانى فيه العراقيون الامرين , واخذوا جراء كل هذا التآمر والتخريب التعويضات المجحفة والاموال الطائلة , ولم يتنازلوا عن دولار واحد حتى بعد سقوط النظام , ثم شاركوا بالحرب الاخيرة واحرقوا كافة الدوائر الحكومية وعاثوا فسادا وخرابا في بلاد الرافدين , وبعد سقوط النظام 2003 , وقيام العملية السياسية الجديدة والتجربة الديمقراطية  في العراق , والتسهيلات الكثيرة التي قدمتها الحكومات العراقية المتعاقبة للكويت , وانبثاق العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تصب لصالح الكويت , ارتفعت وتيرة التآمر والعداء الكويتي ضد العراق والامة والاغلبية العراقية , اذ دعمت الارهاب وارسلت مئات الارهابيين الى العراق ومولت حركات التكفير والاجرام , وشن الاعلام الكويتي حملات اعلامية شعواء لتشويه صورة العراق والعراقيين , واشترت ذمم بعض الجواسيس والعملاء للإضرار بالعملية السياسية الجديدة , وتمددت نحو الاراضي والمياه العراقية , وانشئت ميناء مبارك لضرب المصالح الوطنية والتضييق على ميناء الفاو الكبير وافشاله , ومن اخير الاساءات الكويتية وليس اخرها , منع الجمهور العراقي الكريم من الدخول الى الكويت ؛ علما ان العراق فتح ابوابه امام الكويتيين ودخلوا ولا زالوا يدخلون العراق بلا فيزا , وقدم العراقيون لهم الاكل والشرب والسكن والهدايا مجانا , ومع ذلك لم يثمر المعروف فيهم , فهم كما قال الشاعر : 

إن الكريم إذا تمكن من أذى ‍* * جاءته أخلاق الكرام فأقلعا

وترى اللئيم إذا تمكن من أذى * * يطغى فلا يبقي لصلح موضعا

وعليه نطالب الحكومات العراقية بالتعامل الجدي والصارم ازاء التجاوزات الكويتية المستمرة , وايقاف البغي الكويتي السافر من خلال غلق الحدود وقطع العلاقات الديبلوماسية والمطالبة بكافة الحقوق التاريخية المسلوبة والمغتصبة .