الفلسطينيون ومئوية بلفور..
قرن من الخذلان الدولي
بعد قرن كامل على إصدار بريطانيا وعد بلفور، ما زال الشعب الفلسطيني يعاني من آثاره حتى الآن، ويقول مراقبون ومحللون إن المجتمع الدولي خذل الفلسطينيين، فلم يتمكنوا من إقامة دولتهم المستقلة، وما زال معظمهم لاجئين حول العالم.
وكان وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور أرسل رسالة في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1917 إلى اللورد اليهودي ليونيل روتشيلد يشير فيها إلى أن حكومته ستبذل غاية جهدها لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
وقال المحلل السياسي في الضفة الغربية طلال عوكل إن وعد بلفور أسس لوجود عنوان اسمه القضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين، معتبرا أن ما حدث هو مؤامرة دولية؛ فالفلسطينيون ما زالوا يعانون من العنصرية والقمع والتشرد والجوع والنزوح وعدم الحصول على أرقام قومية، فضلا عن القتل في مخيمات اللجوء بسبب هذا الوعد.
وأضاف عوكل أن قضية فلسطين أصبحت تشق طريقها في المجتمعات الدولية وازداد الوعي بشأنها، ومع ذلك فإن إسرائيل والدول التي تقف خلف وعد بلفور ما زالت تتنكر له ولانعكاساته على فلسطين.
تداعيات كارثية
أما الكاتب السياسي حسام الدجني فقال إن تداعيات الكارثية" تنعكس على حياة الفلسطينيين منذ عشرات السنين، فهم يعيشون على نحو 22% من أراضيهم، ويعانون من الاكتظاظ السكاني وقلة الخدمات وانعدام الحرية والسفر والحصار الإسرائيلي والبطالة.
وفي عام 1993، وقعت منظمة التحرير وإسرائيل اتفاقية أوسلو، التي تأسست السلطة الفلسطينية بموجبها، ووفق الاتفاقية تعترف السلطة الفلسطينية بإقامة دولة إسرائيل على 78% من أراضي فلسطين التاريخية، بينما تحكم السلطة قطاع غزة والضفة الغربية فقط.
واعتبر الدجني أن معاناة الفلسطينيين نتجت عن الوعد الذي أسس لنكبة الفلسطينيين عام 1948، ولولاه ما دفعوا أثمانا باهظة في الصراعات العربية، مثل ما حصل لهم في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين والمخيمات الأخرى في سوريا.
بريطانيا تحتفل
وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن بريطانيا ستحتفل "بفخر" بالذكرى المئوية لصدور وعد بلفور.
وأكد أستاذ التاريخ في الجامعة الإسلامية غسان وشاح أن الوعد كان وفق خطة ممنهجة من قبل بريطانيا، فقد تهيأت ثلاثين عاما لتنفيذه وأنشأت للإسرائيليين مقومات الحياة على أرض فلسطين، وأنشأت الجامعة العبرية ومستشفى هداسا في القدس، وبقيت ترعاهم حتى عام 1948.
واعتبر وشاح أن الوعد كان بمثابة الشرارة الأولى لتدمير حياة الفلسطينيين وسلب أراضيهم، مضيفا أن الإسرائيليين الذين قدموا إلى فلسطين ما زالوا يحملون جنسياتهم الأصلية ويحق لهم العودة إلى المكان الذي أتوا منه، وهذا يدل على أنهم لم يأتوا إلى أرضهم الأصلية، في حين تشرد الفلسطينيون.
من جهته، وصف الكاتب السياسي أكرم عطا الله وعد بلفور بأنه "جريمة التاريخ التي حدثت بمنطق القوة"، وأضاف أنه بنى لليهود دولة قوية في فلسطين وجعل من إعادة الفلسطينيين إلى أراضيهم شيئا مستحيلا، مطالبا بريطانيا بتقديم اعتذار وتعويض للفلسطينيين.
أما جبر وشاح نائب رئيس المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فقال إن المقاومة فرضت وجود قضية فلسطين على أجندة العمل السياسي الدولي، وتوقع أن تتسع دوائر الاعتراف بحق الفلسطينيين المسلوب.
واستدرك قائلا "لكن معظم الاعترافات بحقوق الفلسطينيين وحضور قضيتهم في المحافل الدولية ما زالا على الورق"، وأرجع ذلك إلى أن موازين القوى في العالم تميل إلى صالح إسرائيل التي تعتبر نفسها فوق أي قانون.
وأضاف وشاح متسائلا: هل سينتظر العالم مئة عام أخرى حتى ينصف الفلسطيني ويحل قضيته ويعيده إلى أرضه، وينهي المعاناة الإنسانية التي يعيشها بسبب هذا الوعد، من فقر وانعدام مقومات الحياة؟