في كل دقيقة وفي كل ساعة يرتقون إلى العلا شهداء، يصلون الليل بالنهار، بأظافرهم ينحتون الصخور الصماء في جوف الأرض، في حلك الليل، وبرد الشتاء، في ضوء النهار، وزمهرير الصيف، لا يأبهون، لا يتراجعون، لا ينظرون أبدا إلى الخلف، يشقون طريقا إلى القدس، يقينا يرون الحرية في نهايته نعم انهم الابطال .

هذا الطريق الذي يشقونه من غزة، حتما سيصل إلى القدس، إلى حيفا ويافا، إلى كل الأراضي المحتلة، إلا أن هذا الطريق ليس سهلا، ولا مفروشا بالورود، بل معبدا بالدم، والعرق، ويدفع من أجله خيرة الشباب من دمائهم وقودا لسراج الحرية. يقضون الساعات الطويلة؛ في رسم المستقبل، وإنارة الطريق، وتوجيه البوصلة، إلى القدس، كل هذا يكلفهم زهرة أعمارهم، وجميل أوقاتهم، بل يكلفهم أرواحهم، من أجل الوطن، ومن أجل الحرية، والكرامة.

"

لا تخفي المقاومة المفلسطينية أن سلاح الأنفاق، من أهم الأسلحة الاستراتيجية التي تمتلكها، والتي كان لها دور بارز في معركة العصف المأكول

"

شهداء الإعداد والتجهيز، ورجال الأنفاق، هكذا يعرفون في غزة، تلك البقعة الصغيرة، المحاصرة منذ عقد من الزمان، هم من يرتقون إلى الله تعالى شهداء أثناء تجهيزهم للمواجهة مع الاحتلال، وحفرهم الأنفاق التي أذاقت العدو الويلات في الحروب الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة.

معلمون، ومهندسون، وأطباء، وأكاديميون، تراهم في النهار، إلا أنهم في الليل، جنود مجهولون، يسابقون الزمن، ويحثون الخطى، بالإعداد، والتجهيز، امتثالا لقول الله عز وجل "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ".

فخلال عام 2016 ، ووفق إحصائيات غير موثقة ارتقى إلى الله تعالي زهاء 20 شهيدا أثناء مهمات الإعداد والتجهيز، وحفر الأنفاق، استعدادا للمواجهة المقبلة مع الاحتلال الصهيوني، واليوم بتاريخ 10/30/2017 ارتقى اكثر من ٧ شهداء .

"

يتصف رجال الأنفاق بالصبر الطويل والشدة والعمل وفق مهارات مهنية وقتالية وهندسية عالية لذلك يتم انتقاؤهم بمهارة عالية، وتضم عناصر النخبة، مما يمثل قلقا كبيرا للاحتلال.

"

وتسعى المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب القسام، على تطوير أسلحتها وتكتيكات الدفاع والمقاومة المتبعة لديها، وهي لا تخفي أن سلاح الأنفاق، من أهم الأسلحة الاستراتيجية التي تمتلكها، والتي كان لها دور بارز في معركة العصف المأكول (عدوان 2014). وتفتخر المقاومة بسلاح الأنفاق ورجال الأنفاق، الذين هم خيرة شباب المقاومة؛ حيث يعملون بصمت شديد، وينحتون تحت الأرض وفي أعماقها لإعداد أنفاق، لمنع العدو من وطء أرض غزة، والصمود والثبات طويلا داخلها لأيام متتالية أثناء المعارك مع الاحتلال الصهيوني.

كما أن سلاح الأنفاق بشقيه الدفاعي والهجومي، شكل صدمة مدوية للاحتلال الصهيوني، فكانت بمثابة حائط سد منيع أمام تقدم قوات الاحتلال في عدوانه على غزة، كما أنها كانت خنجرا مسموما وقاتلا له خلف الخطوط من خلال عمليات الإنزال وتنفيذ عمليات نوعية وجريئة.

ويتصف رجال الأنفاق بالصبر الطويل والشدة والعمل وفق مهارات مهنية وقتالية وهندسية عالية لذلك يتم انتقاؤهم بمهارة عالية، وتضم عناصر النخبة، مما يمثل قلقا كبيرا للاحتلال الذي لا يملك عنهم أي معلومات سوى من يعلن عن استشهادهم ضمن المهمات الجهادية. وطالما قالت كتائب القسام وسرايا القدس ، إن مقاتليهم لا يعرفون للراحة أو القعود سبيلا، فصمتهم ما هو إلا جهادٌ وإعدادٌ لطالما رأى العدو والصديق ثمرته في ساحات النزال، فمن التدريب إلى التصنيع إلى حفر أنفاق العزة والكرامة إلى المرابطة على ثغور الوطن، سلسلةٌ جهاديةٌ يشد بعضها بعضاً.