"أستاذ، أستاذ، أستاذ ... خلصت" كان لهذه الكلمات مفعول سحري في النفس، يجيبه صدى شعورٍ غامر بالإنجاز .. فرحة بالانتهاء مما ينبغي الانتهاء منه .. انتظار مختبئى في غور من أغوار النفس للحظة التالية
واحدة من الأمور التي يفتقدها الموظفون من أيام دراستهم، هي هذه اللذة، لذة أو لحظة "خلصت"، ففي عالم الأعمال ليس هناك "خلصت"، ما دمت تستلم راتبًا شهريًا ..
ردًا على ذلك - وبصورة تلقائية - خلقت عقولنا الباطنة آلية خفية؛ لكسر هذه الدورة اللانهائية، إنها آلية "ما راح أخلص!" .. نعم، وهكذا يتوقف الإنجاز في الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة، بينما تترحل مهام أمس إلى اليوم ومهام اليوم إلى الغد وهكذا..
لا أحد يريد أن ينتهي؛ لأن النهاية لا تعني الخروج مبكرًا (كما كنا نفعل أيام الاختبارات في المدرسة)، لا أبدًا، النهاية تعني بداية مهمة جديدة .. وإن أردت أن تشعر بلذة الإنجاز لبعض الوقت فهذا غير مسموح، حتى لا تعتاد على الشعور بأن كل عمل تقوم به يجب أن تحصل في مقابله على "لحظة إنجاز"
كنت أفكر كثيرًا بما سيحدث لو احتفلنا بما ننجزه معًا .. لو تحدينا أنفسنا في كل مرة بتحقيق إنجاز جديد، وإن كان صغيرًا .. لو غيرنا طريقة تفكيرنا بأعمالنا الروتينية اليومية وحولناها إلى "مشاريع" .. لو نظرنا إلى كل يوم على أنه فرصة لتعزيز الشعور بأننا فريق عمل متجانس ومنجز .. هل ستكون مؤسساتنا على حالتها الراهنة؟
لا أدري إن كانت أفكاري هنا مترابطة أو متسلسلة كما ينبغي، لكن وعلى كل حال علينا دائمًا أن نخلق أساليب وبيئات عمل تحفز الشعور بالإنجاز وتدفعنا إليه، فهذا وحده كفيل بإطلاق القدرات الكامنة للعاملين في مؤسساتنا وخلق الالتزام في نفوسهم تجاه أعمالهم
علينا كذلك أن نتذكر، بأن الإدارة في كل مرحلة من مراحلها هي عملية "قيادة"، وأن مفتاح كل باب مغلق في مجال "القيادة" هو التعاطف، وأن أفضل السبل لقيادة فريق عمل ناجح هو إشعارهم بأن كل فرد منهم مهم بذاته وأن نجاح المهمة قضيتهم الجمعية!