يتساهل كثير من الرجال اليوم في إظهار ما اسميه بقبح السريرة، و هو ان يصرح الرجل بقبيح نزواته الفكرية و بكل ما يوسوس الشيطان له، فما ان تنادي نفسه الامارة بالسوء في عقله الباطن ردد ذلك بلسانه كالببغاء على مسامع من حوله.
و أكثر تطبيق لهذا الامر نراه في المثال التالي: رجل يجلس بين مجموعة من أصدقائه في مكان عام فتمر عليهم فتاة حسناء متبرجة، فيصيح صاحبنا "صاااروووووخ"، و يعقب على تلك الصيحة بوصف جمالها و كأنه الرجل الوحيد بين الحضور!
عفوًا عزيزي الزير سالم، كلنا رجال، و كلنا رأينا المرأة الحسناء مثلك، و تأثرنا بجمالها أكثر منك، وقد يكون الشيطان وسوس لنا أكثر منك، و لكن نفسنا الممتنة لستر الله عليها تأمرنا بإدامة هذا الستر، و تحثنا على مجاهدة النفس، و تأمرنا بغض البصر، و تذكرنا بخطأ فعل هذه المرأة و تنهانا على ان نكون جمهورًا لها يشجعها على الباطل بدلًا من ان ينهاها عن المنكر ان استطاع لذلك سبيلًا.
ان من حكمة الله جل جلاله ان جعل المجاهرة بالمعصية من اعظم الكبائر بل جعل المجاهرة بالمعصية أشد من فعل المعصية نفسها، ذلك لان المجاهرة بالمعصية تهون على العبد مكانتها في نفسه و نفس من حوله. و كذلك المجاهرة بقبيح ما يجول في خواطرنا يهون علينا امر هذه الوساوس و النزوات الشيطانية، صحيح ان الله لن يحاسبنا على هذه الأفكار ما دامت حبيسة عقولنا و قلوبنا و لكن الجوارح مرآة لما في العقل و القلب!
إنه لمن عظيم رحمة الله بِنَا أن غفر لنا نوايانا السيئة إن إرتدعنا عن الفعل، و من كمال كرمه أن ستر قبيح ما يجول في خواطرنا. كلنا بشر، و لكل منا نفس أمارة بالسوء، سواء كنّا من عامة الناس ام من اجل علمائهم، فها هو العلامة القحطاني يصرح في نونيته الشهيرة بقوله "و الله لو علموا قبيح سريرتي .. لأبى السلام علي من يلقاني"! لذلك نصيحتي لنفسي أولًا و للآخرين، تنعم بستر الله عليك، و لا تخرج قبيح ما يجول في خاطرك، لأنك إن فعلت ذلك تكون قد خسرت اول جولات القتال مع نفسك الأمارة بالسوء!