أطلقت الحكومة الجزائرية في الربع الأول من السنة الجارية حملة "لنستهلك جزائري" لتشجيع مواطنيها على اقتناء كل ماهو جزائري و أيدت حملتها بومضات اشهارية صارت نكتة شعبية في حينها!
الدوافع وراء الحملة واضحة للمتتبع لوضع البلد الإقتصادي و هو تكتيك ناجع في بيئة إقتصادية منتجة. ولكن للأسف ليس هذا هو الحال هنا.
تعتمد الجزائر كلياً على مداخيلها من مبيعات المحروقات في السوق الخارجي و مع إنهيار الأسعار بالنصف فإن عائدات العملة الصعبة كذلك تراجعت بحوالي 50٪ و بالتالي فإن قدرة الإنفاق انكمشت بنفس النسبة.
في بلد قل إنتاجه و اعتمد كلية على المستورد مع خاصية في الإقتصاد الجزائري و هي أن الدولة هي المنبع الوحيد للعملة الصعبة فإن الحمل كله وقع على كاهلها.
فَلَو أن فاتورة الإستيراد بقيت على مستوى ماقبل الأزمة لأضطرت الحكومة إلى إستعمال إحتياطي الصرف ثم إلى المديونية بعد نفاذه.
فكان من البديهي أن تعمد الحكومة إلى ترشيد الإستيراد للحفاظ عَلى الإحتياط الإستراتيجي للعملة الصعبة. و لكن بعد أن تعوّد المستهلك الجزائري في الخمس و عشرون سنة الأخيرة على سوق حرة نسبياً يختار فيها ما يرى فيه تزاوج السعر المعقول بالجودة المقبولة فإنه من الصعب أن نفرض عليه إستهلاك منتوج محلي رديء أو بسعر غير تنافسي و في غالب الأحيان لا تلبي كميته الطلب.
أنا اقترحت منذ فترة على الفاعلين أن يتبنوا حملة "للنُنتِج جزائري" مع التركيز على غرس ثقافة الجودة لدى الصانع و إستغلال الثروات و الموارد الموجودة حالياً و دعمها ببيئة ضريبية و إدارية مشجعة. و من المهم جداً هنا الإبتعاد عن سن القوانين فقط و لكن التركيز عَلى تفعيلها ميدانياً و الإستثمار في رسكلة الذهنيات لتواكب هذه الإستراتيجية.
فَلَو أنتجت مؤسساتنا سلعاً ذات جودة بسعر تنافسي بكميات كافية لما أحتجنا أن نشجع الناس على استهلاك المحلي لأن ذاك سيكون إختياراً طبيعياً.