Image title

تفحص عقلك جيداً، فتش في ذاكرتك، هل ترتدي حزاماً ناسفاً؟ لا تتفاجأ مني .. فأنت قد تملك حزاماً ناسفاً في عقلك دون أن تدري .. لا زلت لا تصدق؟ بل صدق .. صدقني أرجوك .. فأنا كنت مجرماً قبلك .. أو بعدك .. ارتديت أحزمتي الناسفة الخاصة .. نال مني حزامي ألف مرة، حتى كنت منه أحزم .. كل جرائمي لا تهم .. لا تهم على الإطلاق .. المهم أني فجرت أحزمتي .. قبل أن تفجرني !!

ألقِ نظرة على العالم من حولك، هل ترى ما يحدث؟ أنت تتفاعل بكل ما تملك من عاطفة، لأنك كتلة من عواطف، تحددها الإنسانية، ولكن هل نظرت لنفسك في يوم على أنك السبب في كل ما يحصل؟ .. على أنك مذنب أو مجرم؟ .. نعم أنت .. لا تتفاجأ .. كُن صادقاً معي وأخبرني، كم من مرةٍ في حياتك أرسلت لـ أحد أصدقائك (نكتة مذهبية)، هل سخرت في يوم من الأيام من أحد الأعراق الدينية؟ هل تبادلت مقطعاً ساخراً عن أي طائفة أُخرى؟ كم من مرةٍ دخلت إلى (يوتيوب) وشاركت في المجازر العنصرية؟ كم من مرة شاركت في حوار عرقي؟ إنك تحارب الطائفية على الورق دائماً ولكن هل أنت مستعد لـ تدخل في نقاش حاد مع محيطك دفاعاً عن حرية غيرك العقائدية؟ كم من مرة ناديت بإسم "حرية المذهب" في تويتر والإنستغرام وكسرت هذه القاعدة في عقلك؟ انظر جيداً بداخلك، أنت لا تختلف عن أي مجرمٍ من هؤلاء ارتدى حزاماً ناسفاً .. الفرق أن حزامك الناسف لا زال حبيس عقلك، أما هم، فانتزعوا العقول بأحزمتها الناسفة، ووضعوها على صدورهم ..

إن كل فكرة متطرفة في عقولنا هي حزام ناسف، فالعنصرية حزامٌ ناسف، وكل نكتة عرقية هي حزام ناسف أيضاً، كل مقطع ساخر عن طائفة أُخرى مجرد حزام ناسف آخر، وصدقني، إن خوفك من طائفية غيرك هي حزام ناسف أيضاً لو سألتني .. فكم من حزام ناسف يلزمنا لكي نستيقظ قبل أن ندمر أنفسنا؟ .. هل تظن أن الأحزمة الناسفة انتهت؟ بل هي لا تعد ولا تحصى، إنها أصغر فكرة ساخرة في رأسك عن أي عرق ولون وجنس آخر، إنها أبسط صور العنصرية الدينية أو الطائفية أو العرقية في عقلك، فلكلٍ منا أحزمته الخاصة، التي شكلها بطريقته الخاصة، وأفكاره التي لا يفصح عنها، بل يبقيها حبيسة رأسه، أنت وحدك من يعرف أحزمته الناسفة وأين تكمن، المهم أنك بطريقة أو بأُخرى -ولا تنكر-، ترتدي حزاماً ناسفاً!

الخطوة الأولى لإنتزاع الطائفية، هي بأن تنزعها أنت أولاً من عقلك، وأن تفجر هذا الحزام الناسف في عقلك قبل أن يفجرك، لذا، فالمرة المقبلة، حين تسمع نكتة طائفية، أو نقاش عنصري، لا تقف وتترك الحزام الناسف حراً طليقاً، ينمو على هيئة أفكار متطرفة، ويتمثل على صورة دماء .. فالمرة المقبلة، كن شجاعاً، وانزع حزامك الناسف، وفجره قبل أن يفجرك، لا تخشى أحزمة الآخرين، وحدهم أولئك الذين ينزعون أحزمتهم، قادرون على نزع أحزمة الآخرين بسهولة .. وحدهم أولئك الذين حين يتحدثون عن التسامح الديني لا يحملون في قلوبهم أي كراهية أو أي تناقض، هم من نزعوا أحزمتهم الناسفة .. وحدهم فقط من لديهم إيمانهم الخاص بأن العالم لا يقتصر عليهم فقط، هم من تغلبوا على أحزمتهم الناسفة، وأن الله خلقنا بلا أي أحزمة .. فما بالنا نحن اليوم نضعها داخل رؤوسنا؟


لا تحمل الخطاب الديني المسؤولية، لا ترمي بالحجة على كاهل كل من ملأ رأسك بـ فكرة عنصرية .. فأنت تملك عقلك الخاص، وأنت وحدك من يستطيع وضع حزامه الناسف على عقله ..

والآن، تفحص عقلك جيداً، فتش في ذاكرتك، هل ترتدي حزاماً ناسفاً؟

تحياتي/ دين