العصيان المدني احدى وسائل التعبير عن الرفض عما يجري بالبلد ودونما اراقة للدماء وتتوقف المصالح العامة عن تقديم خدماتها ولفترة محدودة, يكون ذلك مفيدا عندما تكون الادارة مدنية وتحترم اراء الشعب وبالتأكيد وعلى ضوء ذلك ستسعى تلك الادارة وفي مدة محدودة الى الاستجابة لمطالب الشعب سواء بالتغيير الموضعي الجزئي الذي يطال مكان الخلل او التغيير الشامل عبر اقالة الحكومة او الدعوة الى انتخابات برلمانية مبكرة.

ذاك ما يجري بالدول المتحضرة التي تقيم للإنسان وزنا, أما بخصوص دولنا التي تصنف بالعالم الثالث فالأمر بالتأكيد يختلف تمام الاختلاف وإن بدا ان الشعوب قد تخلصت من الديكتاتوريات العتيدة, إلا ان الذين حلّوا محلهم لا يختلفون عن اسلافهم, بل اثبتوا انهم اكثر منهم تشبثا بالسلطة ومصرون وبكل قوة على الاستمرار في طغيانهم, وبالتالي فإن العصيان المدني في هذه الحالة لن يكون مجديا وذو فائدة بل وبالا على السكان حيث تتعطل مصالحهم,اضافة الى توقف التحصيل العلمي وقطع الطرقات.

وعليه فالعصيان المدني يعتبر نوع من المجازفة ولن يوصل الى الحل المنشود بل تجب الدعوة الى التظاهرات السلمية ومحاصرة مقرات تلك الميليشيات لإجبارها على الرحيل عن العاصمة والعودة الى المدن والقرى التي ينتمون اليها فلم تعد المدينة في حاجة اليهم بل صار وجودهم يشكل عبئا امنيا وأخلاقيا على سكان المدينة.

لقد خرجت الجماهير أكثر من مرة مطالبة حكومة الانقاذ بالاستقالة لأنها حكومة انقلاب على الشرعية التي ارتضاها الشعب لنفسه من خلال مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه, ولكن الحكومة  الفاشية لا تريد أن تترك السلطة فقد يكون في "نفسها" أشياء لم تحققها بعد,  حكومة الوفاق اللا وطني بطرابلس تعتبر الوريث الشرعي لحكومة الإنقاذ المنقلبة على الشرعية وساهمت الى حد كبير في وصول البلد الى حافة الافلاس وأعمال العنف في البلاد وتردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية وضرب النسيج الاجتماعي.

اقول على جماهير طرابلس بعد طرد الميليشيات من المدينة وما جاورها وتطهيرها ان تتجه صوب رئاسة مجلس الوزراء لإسقاط الحكومة, فالمواجهة معها لن تكون دامية. فلم يعد هناك مبرر لبقائها وليذهب كل الى منطقته او البلد الذي يحمل جنسيته ويكفيهم شهرة والظهور على القنوات الفضائية وليسجلوا في سيرهم "الذاتية –CV’s"  فشلهم الذريع, فقد تستعين بهم بعض الشعوب المتحضرة  المعجبة بما وصلت اليه ليبيا من دمار شامل طال كافة مناحي الحياة في فترة وجيزة, ان ارادت السقوط الى الهاوية, فوزراؤنا لا مثيل لهم وخبراء في جميع المجالات, ولم يخطئ هيرودوت يوم ان قال: من ليبيا يأتي الجديد.

 الشعب الليبي في حالة يرثى لها, اذ ان لكل فريق من المسيطرين على زمام الحكم اليوم ميليشيا خاصة به وان خروج تلك المليشيات من طرابلس سيسرّع فرارهم منها وليعودوا من حيث اتوا وقد اسمعونا كلاما لا يسمن ولا يغني من جوع , بل ساهموا في احداث الفتن بين المواطنين,فليذهبوا جميعا غير مأسوف عليهم. ان العصيان المدني جريمة في حق سكان طرابلس وتجب معاقبة مرتكبيها.   

ميلاد عمر المزوغي