التحالف الدولي الذي قادته أمريكا, ساهم إلى حد كبير في إسقاط النظام, لكن التحالف وقف متفرجا على مايجري في ليبيا وعلى مدى ثلاث سنوات,التحالف يعلم جيدا أن هناك قوى تكفيرية دخلت البلاد واستطاعت أن تبني كيانات لها,سيطرت على أجزاء كبيرة من البلد,الغرب يغض الطرف,نعم الأمر لا يعنيه رغم مقتل السفير الأمريكي في بنغازي واستهداف بعض السفارات بالعاصمة,وكأنما الغرب يريد أن يجمع كافة الإرهابيين حيث ستكون البلد ساحة صراع لفترة زمنية تطول وتقصر وفق ما يقرره الغرب الاستعماري.ومن ثم القضاء عليهم أو اقتسام النفوذ معهم في المنطقة والخاسر الأكبر بالتأكيد هو الشعب الليبي.
الليبيون يعيشون في حالة من عدم الاستقرار,أكثر من ثلث السكان نازحون داخل الوطن وخارجه, ولم تتحقق أي من الوعود ومنها ابسط الحقوق وهي حرية التعبير, فأصحاب الرأي يمثلون اليوم الهدف الرئيس لمن يسيطرون على مقدرات البلد بقوة السلاح,أصبحت ليبيا في مقدمة الدول الديكتاتورية.
ما ارتكبته وترتكبه الميليشيات بحق الشعب فاق كل تصور,الأمم المتحدة لم تكترث باستغاثات المنكوبين بضرورة التدخل لحمايتهم,وكأنما هؤلاء المستغيثون ليسوا بشرا مثل أولئك الذين قدم الغرب لأجلهم,تحدثت الدول الاستعمارية عن إمكانية إجراء حوار بين مكونات المجتمع الليبي, الغرب يدرك أن الميليشيات لا تؤمن بالحوار, وان عدم التدخل لحماية المدنيين إنما هم يساهمون في زيادة سفك دماء الأبرياء,وإطالة أمد الأزمة التي صارت كارثية بامتياز ولا تختلف معاناة الليبيين كثيرا عما تعانيه شعوب سوريا والعراق, إلا أن الإعلام يركز على ما يجري بتلك الدولتين لأن مصالحه هناك أصبحت أكثر عرضة للانهيار.
زيارة بان كي مون الأخيرة إلى طرابلس,وعدم التقائه الانقلابيين وان كانت رسالة إليهم بعدم اعتراف المجتمع الدولي بهم, إلا أنها لا تكفي, فهؤلاء التكفيريون لا يزالون يتمددون مثل" داعش" لإحكام السيطرة على كل المناطق لأجل فرض الأمر الواقع,بفعل السلاح الذي يورّد إليهم,عبر كافة المنافذ, فالدولة لم تعد لها سلطة على العديد من المناطق,العديد من المدن وخاصة في شرق الوطن أصبحت جزءا من الدولة الإسلامية يستعرض الإرهابيون قواتهم على مرأى ومسمع العالم.
لا تزال ليبيا تحت الفصل السابع,حيث تم حظر توريد السلاح إليها,إلا انه وبعد قيام سلطات شرعية في البلاد,برلمان منتخب وحكومة منبثقة عنه,ومحاولتها تقوية الجيش الوطني الذي يفتقد إلى السلاح لأجل بسط سيطرة الدولة على كامل أراضيها,فإن المجتمع الدولي يعامل الجيش الليبي على انه ميليشيا ويمنعه من استيراد احتياجاته من السلاح فصار الأضعف,في حين أن دول معروفة لدى الجميع تمد العصابات الإجرامية بكافة أنواع الأسلحة.
لقد خيبت الأمم المتحدة آمال الليبيين,فهم في أمس الحاجة إلى وقفة جادة من قبل الشعوب المتحضرة لمساعدتهم في بناء دولتهم والبدء في عملية الاعمار التي ولا شك ستستغرق وقتا طويلا,فما لم يدمره الناتو,أتت عليه العصابات الإجرامية,واليوم يقومون بتدمير الأملاك العامة والخاصة, يقتلون,يشردون,ينهبون ويسرقون,يهللون ويكبرون, من وجهة نظر هؤلاء فإن ليبيا في حاجة إلى إعادة فتح,فالذين يخالفونهم الرأي,كفرة فجرة تجب تصفيتهم,وفي أحسن الأحوال فإن الكلاب أفضل منهم على رأي المفتي,أ و ليس للكلاب حقوق؟.
ميلاد عمر المزوغي