هل باع الفلسطيني أرضه ؟

 العاجزون عن نصرة الحق  يستهويهم الاستماع لآيات الباطل مصداقاً لقول الله عزوجل ( وفيكم سماعون لهم) فتراهم ينسجمون مع آيات الباطل ، وينسجون معها علاقات قوية ،ويتعايشون معها ليبرروا موقفهم المتخاذل، بل ويسوقونه لأنه حسب رأيهم ( ينقذهم من بحر العجز).

 عبر مسيرة التاريخ الانساني استطاع الغزاة استمالة فريق من أصحاب الأرض لمساعدتهم في التغلب على ما قد  يواجههم من مشاكل ومتاعب، والتسويق لفلسفتهم  بأنها الأجدر بالإتباع.

وقفزاً على نماذجٍ تاريخيةٍ كثيرةٍ وصولاً إلى عام 1948 العام الذي خرجت فيه اسرائيل من رحم الخيال إلى حيز الوجود، سنجد أنها نجحت إلى حدٍ ما في اختراق وعي البعض وملأته بالأكاذيب كي تبرر امام العالم افعالها الشنيعة، ومن تلك الاكاذيب التي اختلقتها وروجتها ووجدت من يقتنع بها ويروجها معها أن (الفلسطيني باع أرضه)، فهل حقاً أن الفلسطيني باع أرضه ؟ 

إن الاجابة عن سؤال ( هل الفلسطيني باع أرضه)  لن تكون صادقة إن كانت  ب (لا)،  ولن تكون كاذبة لو كانت  ب (نعم)، لأن الاجابة الصحيحة تقتضي دراسة الحال آنذاك دراسة دقيقة،  فأولاً،  فإن الفلسطيني هو انسانٌ له من الخواص النفسية والعقلية والاجتماعية والجسدية ما لغيره من البشر فقد تغلبه القوة والمغريات، وليس من المستغرب أن توجد في كل زمان ومكان في أي بلد عربي أو غير عربي، فئات قليلة تضعف أمام الإغراءات.

ثم إننا  لو راجعنا كتب التاريخ لتلك الحقبة الزمنية سنجد أن مساحة الأراضي التي وقعت تحت أيدي اليهود حتى عام 1948م من غير قتال أو حرب، بلغت حوالي 8.8% من مساحة فلسطين ، وقد حصل اليهود على تلك الأرض من خلال عدة طرق هي :

1_أراضٍ حصلوا عليها  باعتبارهم أقلية تعيش في فلسطين منذ مئات السنين، وتملك أرضاً تعيش عليها.

2_ أراضٍ حصلوا عليها  بمساعدة حكومة الانتداب البريطاني المباشرة.

3_ أراضٍ اشتروها من اقطاعيين لبنانين وسوريين يملكون أراضٍ فلسطينية ،حينما كانت لبنان وسوريا وفلسطين تحت الحكم العثماني.

ثم إن الأرض التي بيعت (على قلتها) بيعت بطرق التفافية حيث كان شراء الاراضي يتم عن طريق ما يسمى ب( الصندوق القومي اليهودي) وبعد ذلك أصبحت مؤسسة (هيمنوتا ) التابعة للصندوق القومي اليهودي المسئولة عن عمليات الشراء لتنفيذ  الافعال التي تُعتبر مناهضة لروح اتفاقيتي (لاهاي) و( جنيف) اللتين تحرمان على دولة الاحتلال السيطرة وحيازة ملكية الاراضي إلا في حدود ضيقة لا تشمل هذه الحالة، وهذا يؤكد أن اليهود استخدموا اساليب الغش والخداع  على الناس البسطاء الذين خفيت عليهم مكائد اليهود لشراء الارض العربية.

ولنفترض جدلا بأن فلسطينيين باعوا أرضهم وهم بكامل قواهم العقلية والنفسية والجسدية ، فهل هذا مبرر لكي لا تقاوم الاحتلال الصهيوني؟  وكم نسبة هؤلاء من الكل الفلسطيني ؟ ولو اخضعنا هذه النسبة لمبدأ الاحصاء،  فإنها لن تصلح لأن تكون نسبة للقياس عليها استنادا لقاعدة ( الشاذ لا يقاس عليه).

إن هذا الحديث لا يعني تبرير فعلتهم أو تشجيع من تسول له نفسه ببيع الارض لليهود ، بل هو دعوة لكل الذين ناموا في حضن خرافة (أن الفلسطيني باع ارضه ) أن يستفيقوا بعدما تبين الخيط الابيض من الخيط الاسود من مكرهم وخداعهم وطموحاتهم العالية.