رحلة منتخب العراق في تصفيات كاس العالم 1997
بقلم/ اسعد عبدالله عبدعلي
تسجيل التاريخ مهم, وهنا نسجل صفحة من تاريخ الرياضة العراقية, واهل العراق يعشقون كرة القدم, فكان اهتمامي بكتابة هذه السطور, وهي تمثل رحلة منتخبنا عام 1997 نحو حلم الصعود لكاس العالم.
كانت الطموحات كبيرة في التاهل لكاس العالم في باريس, بعد ان تواجد جمع من اللاعبين الخبرة والشباب, بالاضافة للاستقرار التدريبي حيث بقي يحيى علوان مدربا منذ كاس اسيا علم 1996 , التي قدم فيها العراق كرة جميلة ولولا حكم المباراة المتسامح مع الامراتيين, والهدف الاماراتي الذهبي لكان العراق في دور الشبه النهائي, وبسبب النتائج الممتازة وعدم الخسارة طيلة فترة طويلة, كان هناك تخطيط لكيفية الاستعداد للتصفيات, التي جمعتنا مع كازخستان وباكستان وفقط الاول يتاهل للدور اللاحق, لذلك عمل اهل الشان بوضع برنامج قبل التصفيات,
● بطولة نهرو الدولية بالهند
كان اولا المشاركة في بطولة نهرو الدولية بالهند للفترة من 30-3-1997 لغاية 12-4-1997 ولعب العراق بمنتخب من دون المحترفين, أي كان المنتخب الرديف, وكانت الاسماء التي دعاها يحيى علوان للمشاركة في البطولة قد شملت : عماد هاشم-صادق سعدون-وليد خالد-مازن عبدالستار-حبيب جعفر-علاء كاظم-قحطان جثير-صاحب عباس-حيدر محمود-حيدر نجم-حسام فوزي-حيدر جبار-ليث حسين-احمد كاظم-خالد محمد صبار-حسن عباس-جليل زيدان-صباح جعير-ماهر عكلة -عبدالوهاب ابو الهيل.
اشترك في الدورة عدة دول ... منها الصين واوزبكستان التي اشتركت بتشكيلات شابة .. اضافة الى غانا التي شاركت بالفريق الرديف ... ومع ذلك فقد اعتبر الفيفا جميع المباريات التي خاضها منتخبنا مباريات دولية كاملة باستثناء مباراتنا مع غانا ! وافتتح منتخبنا والمنتخب الصيني مباريات الدورة, اعتمد يحيى علوان على اللاعبين حبيب جعفر الذي حمل شارة القيادة وليث حسين ..واللذين كانا بمثابة حجر الزاوية في الفريق ...ليزج بالعناصر الشابة الاخرى معهما في الفريق ...وهكذا تشكل منتخب العراق من : جليل زيدان لحراسة المرمى ...خط الدفاع : حيدر جبار وحسن عباس وصادق سعدون واحمد كاظم ..الى جانب : حبيب جعفر (كابتن) وليث حسين وخالد محمد صبار وحيدر محمود ... وعلاء كاظم وحسام فوزي للهجوم . وفاز العراق بهدفين مقابل لا شيء وسجلهما حيدر محمود وعلاء كاظم.
المباراةالثانية كانت امام منتخب اوزبكستان وفاز العراق بنتيجة مذهلة 6_1 سجلها حيدر محمود, صادق سعدون, ليث حسين هدفين, حيدر نجم, صباح جعير.
المباراة الثالثة كانت امام منتخب غانا وفزنا بهدف المدافع صادق سعدون الذي كان ينافس المهاجمين. وكانت المباراة الثالثة مع الهند ليفوز العراق بهدف سجله قحطان جثير, وكان نظامالبطولةفي الشبه نهائي ان يلعب الاول مع الثالث والثاني مع الرابع, فواجهنا الهند للمرة الثانية, لكن هذه المرة كانت مبارة صعبة حيث انتهت المباراة بالتعادل 1-1 سجله صادق سعدون, لنفوز بضربات الجزاء 4_2 بعد تالق كبير لجليل زيدان.
المباراة النهائية كانت امام اوزبكستان, ليفوز منتخبنا 3_1 سجلهما حسام فوزي , ليث حسين, وخطا من مدافع اةوزبكستان,وتم اختيار اللاعب حبيب جعفر افضل لاعب في البطولة.
● مباريات ودية في بغداد
زار العراق منتخب طاجكستان ولعب عديد المباريات مع الانديةالعراقيةوكان احدمباريات مع المنتخب العراقي وجرت على ملعب الشعب في يوم 19-4-1997 أي بعد اسبوع من بطولةنهرو, وخاض العراق المباراة بنفس التشكيلة من دون لاعبينا المحترفين في قطر ولبنان, وفاز العراق 5_1 سجلها حيدر محمود2, حسام فوزي,صاحب عباس , صادق سعدون.
بعدها زار العراق مختلط نجوم الدوري الاوكراني ولعب مع منتخبنا مبارتين وبنفس التشكيلة فقط المحليين, وفاز العراق بالاولى بهدفين لواحد سجلهما ليث حسين وحسام فوزي, وفي الثانية فاز العراق بهدف حسام فوزي,
● خطيئة معسكر قطر
في يوم 12-5-1997 لعب منتخبنا مباراة مع نادي السد القطري بعد معسكر قصير في دولة قطر, وهنا فقط التحق اللاعبين المحترفين في قطر, وفاز العراق بثلاثة اهداف سجلها حبيب جعفر وليث حسين واحمد راضي,وهنا كان الخطأ الكبير, فيعتبر معسكر قطر بداية الخطيئة للاتحاد العراقي, فالمباراة لم تنفع المنتخب, والاضافات لم تكن مهمة خصوصا ان احمد راضي كان قد بعيد عن المنتخب منذ عام 1993 وقد وصل لنهايته كلاعب, ولم يحصل انسجام بين اللاعبين وبين محترفي قطر امثال راضي شنيشل وسمير كاظم, ثم سافر منتخبنا الى باكستان ليفتتح التصفيات لاهور.
● الذهاب مع باكستان في لاهور
في يوم 23-5-1997 لعب منتخبنا اول مبارياته في تصفيات كاس العالم على استاد الطريق السريع في لاهور وامام12 الف متفرج, وقد تالف المنتخب من : جليل زيدان لحراسة المرمى ...راضي شنيشل وسمير كاظم وجبار هاشم وصادق سعدون للدفاع ...حبيب جعفر وليث حسين وحيدر محمود وخالد محمد صبار للوسط ...وقحطان جثير وحسام فوزي للهجوم, وفاز منتخبنا بستة اهداف مقابل هدفين, سجلها حسام فوزي هدفين, قحطان جثير هدفين, ليث حسين, احمد راضي.
وشهدت هذه المباراة اخطاء دفاعية غريبة قد اشار لها الاعلام, فمن الغريب ان تسجل باكستان هدفين في مرمانا.
كانت هنالك فترة اسبوعين لم يستغلها الاتحاد في لعب مباريات ودية حيث كان من الممكن لعب مبارتين حتى يكون المنتخب في الفورما ويقوم بتصحيح الاخطاء وتحقيق الانسجام, لكن غاب هذا عن القائمين على الكرة, وبقي المنتخب يتدرب فقط.
● منتخب كازخستان في بغداد
في يوم 6-6-1997 جاء لبغداد منتخب كازخستان ليعلب على ملعب الشعب, وكانت الثقة كبيرة الى حد الغرور بسهولة تحقيق الفوز على الضيوف, بسبب الاعلام العراقي الذي بقي يتغنى بالفوز القادم وسهولة الضيوف, خصوصا ان المنتخب لم يخسر منذ فترة طويلة, وكانت اول مباراة دولية تقام في العراق منذ دخول الكويت عام 1990, لكن لم يحضر الا عشرون الف متفرج, ينتظرون الاهداف العراقية وتحقيق فوز جديد, ودخل العراق بنفس التشكيل فقط بتغيير الحارس بعماد هاشم وكانت تتالف التشكيلة من:
عماد هاشم لحراسة المرمى ...راضي شنيشل وسمير كاظم وجبار هاشم وصادق سعدون للدفاع ...حبيب جعفر وليث حسين وحيدر محمود وخالد محمد صبار للوسط ...وقحطان جثير وحسام فوزي للهجوم.
وفي الدقيقة الثانية سجل صادق سعدون هدف التقدم للعراق, مما جعل العراقيين ينتظرون فوز عريض, هذا الهدف اعطى لاعبينا جرعة زائدة من الثقة ...التي سرعان ما تحولت الى نوع من الغرور والاستهزاء بالخصم ... في وقت كان الجميع واثقا من قدرة العراق على تجاوز خصمه القادم من اسيا الوسطى .. في الدقيقة 41 وقبل ان يلفظ الشوط الاول انفاسه .. تمكن الفريق الضيف من دخول المباراة مجددا عندما سجل هدف التعادل ...
في الشوط الثاني وبعد دقيقتين من انطلاقه نجح الضيوف في تغيير اتجاه المباراة الى منعطف اخر عندما وضع البطاقة الثانية في شباك عماد هاشم وسط دهشة الجماهير التي راقبت الماساة غير مدركة لما يحدث ... حاول المدرب بعدها تدارك الامور فاشرك احمد راضي بدلا عن حسام فوزي بقصد دعم الهجوم .. كما استبدل حبيب جعفر في الدقيقة 60 واشرك بدلا عنه حيدر نجم , ثم اخرج قحطان جثير وزج بصاحب عباس بدلا عنه .. وحاول منتخبنا العودة الى المباراة بشتى السبل, لكن الدفاع الكازخستاني كان متماسكا, لتمر الدقائق سريعة على لاعبينا الذين انهارت كل جبال الثقة لديهم, لتنتهي المباراة بالمفاجاة الكبرى ويخسر العراق على ارضه وبين جماهيره امام كازخستان.
● الخطيئة: تغيير المدرب
بعد انتهاء المباراة مع كازخستان, تم ابعاد المدرب يحيى علوان من قيادة المنتخب, بعد ان قاد المنتخب في عشرين مباراة ونجح في اغلبها ولم يخسر عام 1997 الا مباراة واحدة! ليتم بعدها الاستعانة بالمدرب ايوب اوديشو, الذي اكد تالقه الملحوظ محليا مع ناديي الطلبة والجوية, والذي كان مساعدا لدرجال وعملا معا نكسة كوريا الشمالية عام1993, وليكون اديشو بمثابة المنقذ للاحلام العراقية ببلوغ المونديال والتي اوشكت الثلوج الكازخستانية على تبديدها, وبذلك اصبح ايوب اوديشو المدرب الثامن والعشرين للمنتخب العراقي.
مع ملاحظة ان عمو بابا وانور جسام وعامر جميل وعادل يوسف كلهم كانوا متواجدين وذوي خبرة كبيرة, لكن الاتحاد راى في اديشو ما لا يراه الاخرون.
وشرع بالاستعداد لمرحلة الاياب ومن دون أي تجريبيات, مع ان اسبوعين كان من الممكن لعب ثلاث وديات قبل العودة لمرحلة الاياب لغرض تنفيذ افكار اديشو وتصحيح الاخطاء وتحقيق الانسجام, لكن غاب كل هذا على اهل الشان.
وقبل انطلاق رحلة الاياب اصاب الشارع العراقي القلق بسبب الانباء التي حملت الينا نبا من نوع اخر, فقد قهرت كازخستان الفريق الباكستاني في لاهور بنتيجة 7-صفر وباتت تتقدم على منتخبنا بفارق النقاط والاهداف ايضا, وبالتالي صار على منتخبنا ان يفوز على باكستان بفارق 6 اهداف في بغداد ..ويقهر كازخستان في عقر دارها لكي يتمكن من دخول الدور الحاسم للتصفيات .
● الاياب مع باكستان في بغداد
في يوم 20-6-1997 حضر منتخب باكستان لبغداد, لخوض الاياب, ففي ملعب الشعب, وبحضور جماهيري كبير, تالف منتخبنا من : جليل زيدان لحراسة الهدف ...راضي شنيشل وسمير كاظم وصادق سعدون للدفاع ...عباس عبيد وصباح جعير وحبيب جعفر وليث حسين في خط الوسط ...واحمد راضي وحسام فوزي وقحطان جثير في خط الهجوم.
بدات المباراة ولاعبونا في حالة تشنج, وعدم القدرة على خلق الفرص واقتحام المرمى الباكستاني ذو الدفاعات المتواضعة, غير ان الدقيقة 11 حملت لنا نبا سعيدا, حيث منح الحكم ركلة جزاء لمنتخبنا سرعان ما ترجمها ليث حسين الى هدف التقدم, واعتقد اغلب الجمهور المتواجد في الملعب ان هذا الهدف سيحفز لاعبينا على الهجوم وتعزيزه, لكن شيئا من ذلك لم يحدث بكل اسف ...فلقد استمر الفريق بادائه المتشنج, حيث كان جميع اللاعبين دون مستواهم ,الا عباس عبيد لكن دون جدوى ! اما احمد راضي فقد كان ابرز الغائبين حيث كان للعمر احكامه, في الدقيقة 26 اهدى الحكم هدية صغيرة, بمنحه ضربة جزاء غير صحيحة لمنتخبنا, نفذها ليث حسين بنجاح محرزا هدفه الثاني اليوم من علامة الجزاء, ولم ينفع هذا الهدف في تحريك غيرة اللاعبين في الملعب ...بل استمر الاداء الباهت الممل طيلة دقائق الشوط الاول الذي انتهى عراقيا بنتيجة 2-صفر
انطلق الشوط الثاني والذي لم يكن بافضل حالا من سابقه ...فلقد استمر اللعب الرتيب الفاتر, ولم يقتصر الاداء الضعيف على لاعبي الوسط والهجوم الغافي, فقد امتدت العدوى للدفاع, ففي الدقيقة 58 شق اللاعب الباكستاني طريقه وسط تفرج الدفاع العراقي ليودع كرته في شباك جليل زيدان!
واعقبها صمت وحزن كبير, اكتنف ارجاء ملعب الشعب, وبينما مرت الدقائق ثقيلة, اذا بالمدرب يتحرك اخيرا ويقوم باجراء تغييراته, والتي كان لها تاثير السحر في الملعب, فقد اخرج المدرب قحطان جثير وزج بصاحب عباس بدلا عنه, كما اخرج صباح جعير واشرك علاء كاظم الذي افتقدته الجماهير منذ فترة ليست بالقصيرة! ثم استبدل احمد راضي الذي لعب اخر مبارياته الدولية, ليحل حيدر نجم بدلا عنه.
كانت هذه التغييرات بمثابه الصدمة الكهربائية التي اعادت منتخبنا الى الحياة, في الدقيقة 69 تفوق حسام فوزي على نفسه واحرز هدف العراق الثالث, ليتمكن صاحب عباس وبعد دقيقتين من اضافة الهدف الرابع, الذي اتبعه حسام ايضا بالهدف الخامس في الدقيقة 76 , ليزداد اندفاع لاعبينا في الدقائق الاخيرة وبشكل طالما افتقدناه ...لتحمل الدقيقة قبل الاخيرة فرحة الهدف السادس الذي احرزه صادق سعدون, وهتفت الجماهير في الملعب بصوت واحد (بس واحد-بس واحد), حيث لم يتبقى الا هدف واحد للحاق بفارق الاهداف الستة, لكن هذا الهدف بقي عصيا, لتنتهي المباراة بفوز العراق 6-1.
● قرار الاتحاد الغريب
اصدر الاتحاد العراقي المركزي وعقب انتهاء مباراة العراق وباكستان, قراره القاضي بطرد اللاعب (احمد راضي) من المنتخب الوطني وابعاده نهائيا, نظرا لعدم شعوره بالمسؤولية تجاه المنتخب الوطني عندما جد الجد في التصفيات الاسيوية! وقد كانت تلك نهاية غير سعيدة لتاريخ حافل, لم يتفهم الاتحاد قضية العمر ولم يجبرهم على استدعائه, ولم يفرض عليهم اقصاء علاء كاظم او حيدر نجم او صاحب عباس الذين كانوا الابرز عراقيا في خط الهجوم في تلك الفترة.
● الاياب مع كازخستان
في يوم 29-6-1997 كان موعد المباراة الاخيرة لمنتخبنا في العاصمة الكازخستانية,وكان علينا ان نفوز بفارق هدفين كي نصعد والا الخروج المبكر.
تواجه المنتخبان في الاستاد المركزي وامام 12 الف متفرجا, وقد تالفت تشكيلة اوديشو من : جليل زيدان لحراسة المرمى, راضي شنيشل وصادق سعدون وجبار هاشم للدفاع, وحيدر محمود وحبيب جعفر وليث حسين وخالد محمد صبار وعباس عبيد للوسط, وحسام فوزي وصاحب عباس للهجوم.
وقد اشارت المعطيات الى ان منتخبنا لم يكن بالصورة المرجوة, فقد اعطى حضور رئيس الجمهورية الكازخستانية الى الملعب دفعا معنويا مضاعفا للاعبيه, الذين وجدوا طريقهم للمرمى سريعا في الدقيقة الرابعة من المباراة, لتزداد صعوبة المهمة امام لاعبينا, الذين سمحوا للفريق المضيف ان يضيف هدفا ثانيا في الدقيقة 36 وبهذه النتيجة انتهى الشوط الاول.
في الشوط الثاني عمد اوديشو الى اجراء تبديلاته ..باشراك علاء كاظم بدل جبار هاشم ..وقحطان جثير بدل حسام فوزي وحيدر نجم بدل حيدر محمود, وقد اسفرت هذه التبديلات عن هدف العراق الوحيد الذي احرزه صادق سعدون في الدقيقة 56, ليقلل الفارق الى هدف واحد, غير ان المضيفين سرعان ما تداركوا الموقف واحرزا هدفهم الثالث والاخير في الدقيقة 61.
لتبقى النتيجة على حالها في النصف ساعة المتبقية, وتنتهي عند هذا الحد رحلة منتخبنا القصيرة الى مونديال فرنسا, والتي كانت اقصر مما توقعتها اغلب الجماهير العراقية.