علي بانافع
اليوم الخميس 2017/10/5 يصادف اليوم العالمي للمعلم تحت شعار "تعزيز حرية التدريس وتمكين المعلمين"، وتحتفل المملكة العربية السعودية كباقي دول العالم بهذا اليوم، وبدوري كمعلم أُحيي كل معلم وأقول له: في ميدان التعليم اعمل ولا تلتفت إلى الوراء فتتأخر، اسمع للنقد وقَوِّمْ نفسك ولا تسترسل كثيراً في الدفاع عن نفسك، الأخطاء واردة في العمل لأنها اجتهاد فصحح وامضي لغيرها وقبل كل ذلك وبعده راجع إخلاصك وصدقك ..
لقد تعرض المعلمون في المملكة لحملة شعواء مُغرضة من قِبل الصحفي "قينان الغامدي" وهو يستهدف -دائماً- أن يثير ضجة تقترن بمقالاته وتغريداته، وهذه طريقة أمريكية انتقلت إليه من تطبع لا طبع له، والمعروف عن أمثال هذه الطريقة الأمريكية أن النقد المر والمدح الرخيص يستوي عندها إذ أن الأصل فيها حبك الضجة ولا شيء بعد ذلك، والمفروض في الضجة أنها تخلق مؤيدين ومعارضين وبالتالي مشترين وهذا ما يذوب له "قينان" كمداً، فقد ابتلينا في الآونة الأخيرة بفئة من الناس يريدون أن يكونوا كُتاباً ونُقاداً رغم آناف الناس جميعاً، بينما هم لا يعرفون من الكتابة والنقد سوى الهجاء المقذع والشتم اللئيم، فالفاشل في أمر من أمور الحياة يميل إلى التعويض عنه بانتقاد الناجحين، ومشكلتنا في وسائل التواصل الاجتماعي أن لدينا نقاداً كثيرين، ولكن كثيراً منهم من طراز "قينان" الذي أساء إلى النقد إساءة بالغة، وأمثال هذا الشخص -ولا أقول الرجل- كثيرون إذ هم يتحولون في ميولهم واتجاهاتهم وآراءهم كدودة القز من طورٍ إلى طور دون يشعروا بدناءة ما يفعلون!!
ولعلني لم أُغالي إذ قلت أن كثيراً من كتابنا ونقادنا يجرون في النقد على هذا المنوال، فهم ينظرون إلى المعلم قبل أن ينظروا إلى سياسة وأنظمة التعليم ولوائحه، وتراهم يرتفعون بالمعلم ويهبطون به كما يشتهون ويطلبون من الناس أن يرتفعوا ويهبطوا معهم، ثم لا يستحون بعد ذلك أن يذرفوا الدمع السخين حزناً على مصير التعليم، وهنا أود أن أقف قليلاً لأتساءل كيف يمكن للتعليم في بلادنا أن ينمو ويرتفع تجاه هذا النوع من النقد، فكل كاتب أو ناقد يستطيع أن يدعي بأنه عبقرياً وباحثاً تحليلياً من الطراز الأول، وما أهون العبقرية إذا جاءت من هذا الطريق؟! إنهم يسلكون منهج النقد الرقيع بينما هم يدعون النقد الرفيع، وما أبعد المسافة بين ما يسلكون وما يدعون؟! كيف لأولئك أن يتجرؤا ويحاربوا المعلمين على لقمة العيش وكرامته؟! لهذا كله لم يعد أحد يطرق باب التعليم إلا عاجز أو عابر أو بائس فكيف لهذا أن يَنهل علماً؟! وأنَّا له أن يُعْطِي إن رَغِبَ في العطاء؟!
والحقيقة التي لا مراء فيها أن المعلم منا وفينا وهو أستاذنا جميعاً وعلينا أن نسعى جميعا إلى راحته مادياً ونفسياً ومعنوياً، بذلك نُكِرِمْ أنفسنا ونُكِرِمْ أبناءنا ونُكِرِمْ دولتنا ونتقدم، فمن نشد القوة وسعى إليها وجدها في قوة المعلم، المعلم هو القائد والرائد وهو المبتدأ والمنتهى وهو أُولى الأولويات، فلو أعدنا النظر إليه لا بالويل والثبور وعظائم الأمور لِنُعِدْ له مكانته التي يستحق، وهو أهل العطاء وهو من يستحق عطاء تكريم لا عطاء استجداء، المعلم مَعَّلَمُ الدولة وعنوانها، وجدير بالدولة وبكل المؤسسات والشركات والهيئات أن تعمل على تعزيز شأنه وتحقيق شؤونه، وهو الأب الأعلى والأغلى الذي يستحق كرم الدولة لا جحودها ..