للجهاد رجالات من نوع آخر !...
رحيم الخالدي
الجهاد كلمة تخرج من الفم بحركة من اللسان وينتهي الموضوع، بيد أن الموضوع ليس كذلك! ولا بهذه السهولة، لان محتويات الكلمة كثيرة، تبدأ من الحركة الفعلية النابعة من الروح والجسد معاً، بتفكير واسع وعميق، مع الصدق في المشاعر والمسعى، وهذا للشخص نفسه، أما بتعامله مع الآخرين أيضاً الموضوع يختلف، والجود بكل ما يملك! كون الجهاد تكليف شرعي، يحتم على الشخص الإستعداد الكامل، لتحمل كل العقبات والنتائج مهما كانت وكيفما تنتهي، وأغلى ما يمتلك الإنسان روحه، وهذا غاية الجود، والسيد صالح البخاتي أنموذجاً .
وفق التعتيم الإعلامي أيام النظام السابق، لا يعرف العراقيون ماذا يجري في الساحة العراقية، خاصة صولات المجاهدين، وما يذكره رفاق الشهيد البخاتي، حول عملية ضرب أقوى جهاز في نظام صدام "المخابرات"، التي تعتبر من الأجهزة التي يوليها النظام إهتمام كبير، حيث قام السيد البخاتي مع نخبة من رفاق السلاح، برفقة السيد أبو علي الحسيني، بعملية خاطفة جعلت النظام آنذاك يأن من تلك الضربة الموفقة، وجعلته يعيد الحسابات ولا يستهين بقوة وجرأة المقاومين الأبطال، ولا يمكن إعتبار العملية سهلة كما متوفر في الوقت الحاضر، بل كانت الحركة صعبة جداً، وحسب فكر النظام أنه مطبق على كل مفاصل الأمن، وهم كسروا ذلك الإطباق .
من رافق البخاتي وعاش معه، ليس كما يروي لك، وتتصور الحالة التي عاشها مع رفاق دربه وما أكثرهم، ولا يمكن إحتواء الصورة كاملة، وكيف كان يتعامل ويتدبر معيشته، وهو رب لعائلة تركها قاصداً رضا الخالق، والعلاقة بينه وبين شهيد المحراب ليست علاقة صداقة ومعرفة، بل التيقن أن الدرب الذي سلكه باليقين انه على درب الحق، هو الذي جعل منه مقرباً من السيد محمد باقر الحكيم (قدس)، صالح البخاتي ذلك الشاب اليافع في مقتبل العمر، وهو يتقدم رفاقه في كل الواجبات التي تناط به، جعل منه قائداً! وقد سبق أقرانه بسنوات، وفهم كيف تدار المعركة، وماذا سيفعل لو كان الأمر ليس كما خُطِطَ له .
بعد مغادرة الأهوار وإنتهاء حكم البعث، وبداية تكوين الدولة الديمقراطية، بدأت فترة محاربة الإرهاب، الذي أرسلته أمريكا هدية للشعب العراقي، وكان المتصدي الأول المكون الشيعي، لأنه هو المستهدف بذريعة الطائفية، وكل العراقيين يعرفون ذلك جيداً، وكيف انكشف الزيف، وانخرط فيه جل السياسيين المشاركين في العملية السياسية، وفي كلمة للسيد رئيس الجمهورية مام جلال، في إحدى اللقاءات، وضع النقاط على الحروف، عندما قال هنالك سياسيون بالنهار معنا، وفي الليل يشهرون السلاح ضدنا! فما كان من المجاهدين إلاّ أن إنتفضوا، وقارعوا الإرهاب التكفيري بكل أشكاله، بصحبة رفاق الدرب وهم كثيرون، لكن اللصيق كان المجاهد أبو علي الحسيني، معه أينما حل وإرتحل .
بعد تكليف السيد أبو علي الحسيني بمهام في إحدى الوزارات الأمنية، وبداية الفتوى والانطلاق نحو تحرير الأراضي، من براثن داعش التكفيري، أرسل الحسيني أبنائه مع البخاتي علي ومنتظر تعويضاً عنه، ليكونوا له حواريين أينما ذهب، ويحمونه مثلما كان يفعل هو في أيام جهادهم ضد البعث، فكان هذا أبسط ما يضحي به الإنسان مع رفيق دربه، ويرسل فلذة كبده ليكون عوضاً عنه، وهذه العملة النادرة من الرجال يجب المحافظة عليها وتكريمها كونها تطبق الإيثار بأسمى معانية فكم نحن اليوم بحاجة لمثل هؤلاء الرجال، الذين تربوا تحت كنف شهيد المحراب، الذي أعطى روحه فداء للعراق والإسلام .