بحجة الامر الواقع ورفع المعاناة التي يعيشها المواطن تتوالى وبخطى متسرعة اللقاءات بين فرقاء المشهد السياسي ,يقفزون من مكان لآخر ,يبدو انهم يتحسسون مصيرهم المشؤوم,لم يعد امامهم المزيد من الوقت,فالضغوط الخارجية اجبرتهم على الالتقاء والظهور على انهم مشتاقون الى بعضهم البعض وكأنما الاقدار هي من باعدت بينهم,وندرك جيدا بان مصالحهم والأجندات التي ينفذون هي التي اوصلت البلد الى هذا الوضع الجد متردي,بإسم الشعب نهبوا خيرات الوطن ودمروا الممتلكات,قتلوا ألأبرياء,وصل الامر بان غصت سجونهم بالحرائر.

قلنا منذ البداية بان المجلس الرئاسي لم يأتي لحل المشاكل في ليبيا ,بل للقضاء على ما تبقّى من العسكر لأنهم لا يريدون بناء وطن, فسعى من البداية الى تكوين كيان موازي مسلح "الحرس الرئاسي" اساسه الميليشيات المسلحة الجاثمة على صدور سكان العاصمة(بدلا من اعادة انتشار تلك الميليشيات خارج العاصمة وفق ما نص عليه اتفاق الصخيرات) يدين بالولاء والطاعة له,على صعيد اخر قام المجلس الرئاسي بتقديم الدعم بمختلف انواعه للعصابات الاجرامية في بنغازي لتتفنن في القتل والتدمير الممنهج وإتباع سياسة الارض المحروقة ,كما انه شكل البنيان المرصوص لتحرير سرت من الدواعش ونعلم جيدا انه لولا  الضربات الجوية للافريكوم لما تمكن هؤلاء من تحقيق النصر وقد اغدق الرئاسي جزيل العطاء على افراد تلك القوة.

لم نكن نتمنى ان تحشر القيادة العامة في الشأن السياسي,بل يتولّى نيابة عنها رئيس مجلس النواب بصفته القائد الاعلى للقوات ألمسلحة, ولكن يبدو ان الامور تحتاج شيء من الخصوصية ونعتقد انه تم تفويض القائد العام بذلك .

لاشك ان لقاء ابوظبي قد وضع النقاط على الحروف,ليظهر الرئاسي مدى جديته في اقامة دولة مدنية,وان تتولى القوات المسلحة مسؤولية تطهير البلاد من التشكيلات الارهابية وتفكيك الميلشيات المسلحة وإمكانية ضم منتسبيها فرادا الى المؤسسة العسكرية وفق النظم والضوابط المعمول بها.

ردات فعل الميلشيات بطرابلس كانت متباينة وان غلب عليها طابع التشنج لأنها تدرك بان نجمها قد اخذ في الافول,بعض الميليشيات تتحدث عن امكانية تشكيل جيش وطني بغرب البلاد وجنوبها وكأنما الجيش الذي يقارع الارهابيين في شرقنا العزيز ليس ليبي,بل فات هؤلاء ان العديد من افراد القوات المسلحة من غرب البلاد وجنوبها قد شاركوا وبفاعلية في معارك تحرير بنغازي والهلال النفطي,انها ولا شك محاولة يائسة من قبل هذه الميلشيات لتقسيم البلاد ولكن هيهات هيهات.

اخفاقات المجلس الرئاسي المتتالية لم تعد تسمح له بارتكاب المزيد,مجال المناورة اصبح جد محدود,عليه انتهاز الفرصة لإثبات انه قادر على التعامل مع الاطراف المختلفة ومن ثم العمل على حل المشاكل التي يعاني منها المواطن ما يقرب من الثلاث سنوات.

لم نسمع عن ردات فعل اعضاء الرئاسي بالخصوص,فهؤلاء (الباقون) وان بدوا من طيف سياسي واحد إلا ان بعضهم يخرج علينا عقب كل بيان بأنه لم يستشر وبالتالي فهو لا يمثله.

اقول انه بالإمكان حل غالبية المشاكل لو حسنت النوايا,عمل لجنة ازمة الوقود والغاز يذكر فيشكر خاصة في ظل الانباء بان 40% من استهلاك تونس الشقيقة من الوقود يتم عبر التهريب من ليبيا اضافة الى منع تصدير بعض السلع الضرورية الى دول الجوار ومنها المواشي بمختلف انواعها,وقد لاحظ المواطن الانخفاض في اسعار اللحوم وبعض السلع الاخرى. وبعد أليس من حق المواطن بعد طول عناء ان ينعم بشيء من الاستقرار ؟سؤال الاجابة عليه برسم من يتشدقون بأنهم سيبذلون ما في وسعهم من اجل المواطن.  

ميلاد عمر المزوغي