الدولة الكردية بين الفشل وحفظ ماء الوجه ...

رحيم الخالدي

مر العراق منذ بداية النظام الجمهوري، وآخر ملوك العراق، بحروب بدايتها داخلية، وتارة خارجية، وإنتهى بالديمقراطية، عندما دخلت القوات الدولية تقودها أمريكا، بالقضاء على نظام البعث، وخلال السنين الماضية مررنا بمرحلة لم تمر به أي من الدول المتحررة، حيث أوجدت لنا أمريكا عدوٌ داخلي، معارض لكل شيء! إنتهى بمحاربة داعش الإرهابي، وما نكاد التخلص منه نهائيا، لنبدأ بمشكلة جديدة!  وإستقلال الإقليم أحد تلك المشاكل، وكأنه مسلسل بل إنه فعلا، وبالطبع فأن الخطاب والتصميم الذي يصر عليه مسعود بارزاني، لم يأتي من بنات أفكاره، بل هنالك من يقف خلفه .

الأموال الخليجية التي صُرِفَتْ على الحرب، ضد سوريا والعراق وتفكيكهما تبني دول، ولا ننسى الدور الإسرائيلي الذي رفع الغطاء عن الوجه، وبانت الحقيقة المرة، من خلال رفع العلم الإسرائيلي! الذي يكرهه كل العرب في كردستان، وبالطبع هذه الأفعال تثير الحفيظة، يقابلها تمزيق العلم العراقي وحرقه في أكثر من مناسبة! الذي يدفع النسبة المالية للإقليم، والمقدرة سبعة عشر بالمائة، التي لا تمتلكها دول، وتتمنى بإمتلاك نصفها! يقابله السرقة في الواردات الكمركية والتصدير، من قبل الإقليم دون علم المركز، ونقض كل الإتفاقات المبرمة مع الحكومة الإتحادية، والتصرف منفرداً بتصدير النفط !.  

الأمس القريب كانت تركيا مؤيدة لمسعود بارزاني، والإستثمارات التي غزت الإقليم، والنفط المتسرب لتركيا سواء بواسطة الأنبوب الممتد من كركوك، أو بواسطة الخط الناقل الجديد، أو بواسطة التهريب! ذلك النفط المسروق من الآبار العراقية، يتم نقله بواسطة صهاريج، تعود ملكيتها لمواطنين أكراد، أو صهاريج يتم إستدعائها من الدول المجاورة المستفيدة من رخص النفط المهرب، ولا بد من وجود جهة متنفذة بالإقليم تتبع لحزب بارزاني تقف وراء هذه السرقات، بمعنى آخر القائم على رأس الحكومة! ومن يشاركه بالمضي بالإنفصال مشارك أيضاً .

سؤال يطرحه الباحثين عن إصرار مسعود بالمضي بمشروعه؟ الذي يشبه لحد بعيد مشروع إسرائيل، والمستنبط منه (كوبي بيست)، لابد من وقوف قوة عظمى وراءه، وإلا دول الجوار إضافة للحكومة الإتحادية، وكلها معارضة! ويعرف حق اليقين، أن كل هذه الإعتراضات ستقف سد منيع، ضد مشروع الإنفصال، لكنه مصر! ولا يقودنا إلاّ لنتيجة واحدة، أن أمريكا تؤيده بالسر، وتصرح بالعلن عكس ذلك، ولا أعرف كيف ستكون النهاية، سيما أن المشروع فاشل من أساسه، وبنظره سيما بقية المؤيدين، أنهم يريدون وضع لبنة أساسية مستقبلية، من خلال كلمة تأجيل! وان الأمم المتحدة أدلت بدلوها، والدول الأوربية أعربت عن قلقها، ودول الجوار رافضة رفضاً قاطعا لا جدال فيه .

الرأي السائد في الأوساط السياسية صاحبة القرار، رفضت الإجتماع بالوفد المرسل من كردستان، بخصوص التطمينات، وعدم الدخول بهكذا إجتماعات، وتنازلات كما في السابق، لان التمادي وصل حدود لا يمكن السماح لها بالحصول في قادم الأيام، وهذا من منطق القوة والإنتصارات التي تحققت أخيرا بالقضاء على داعش، الذي لا نريد الخوض فيه، والإشكاليات التي حصلت وتورط حكومة الإقليم، بأجزاء من سقوط الموصل، وسرقة المعدات العسكرية! سيما السلاح الشخصي لكل المقاتلين، الذي ذهبوا لكردستان أثناء السيناريو الذي حدث في الموصل، وطلقة الرحمة انه لا إجتماعات، ولا تفاهم إذا جرى الإستفتاء! والحكومة ستتخذ إجراءات صارمة، ومن المرجح أن هنالك إجراء عسكري .

إدعاء مسعود والتبجح أن الحكومة فاشلة يثير السخرية، وكأنه لا يعرف أن ثلث أعضاء البرلمان من الإقليم، الذي يمثل السلطة الأعلى هم مشاركين فيه، بل أن المناصب التي يسيطر عليها الكرد سيادية وكثيرة، سيما رئيس الجمهورية، ولا أعرف على ماذا إستند في تصريحه هذا! ثم يصرح تارة أخرى أنه لا يمكن العيش بسلام مع حكومة المركز، وكأنهم دولة محتلة، وليسوا جزء من العراق، وهو لا يسمح لدخول العراقيين من باقي المحافظات، إلا في حالة وجود كفيل! بذريعة الحفاظ على الأمن، بينما المواطن الذي يأتي من الإقليم، يحق له الدخول والخروج لكل المحافظات خارج سلطة الإقليم، من دون كفيل، وهنالك تجار ومقاولون يعملون بكل حرية، في كل المحافظات سيما بغداد  .

بعد الرفض الداخلي والخارجي، أصبح لا يعرف يمينه من شماله، وما تواجد الوفد في بغداد، إلا لإيجاد مخرج لحفظ ماء وجه مسعود، وإخراجه من الورطة التي أدخل نفسه بها، متمنيا الفوز بمنصب رئيس الإقليم، والقنبلة الأخيرة والتعري الذي تعرض له، من خلال التصريح الأخير لكلمة السيد العبادي الموجهة لمواطني كردستان، وسؤالهم لسياسييهم حول مصير أموال تسعمائة ألف برميل يوميا، يتم تصديرها من الإقليم، سيما أنهم لم يقبضوا رواتب لأشهر عديدة، وبهذا تم إرجاع السهم لمسعود شخصياً، حول إتهامه حكومة بغداد بعدم دفع مستحقات الرواتب لموظفي الإقليم، وهنا يأتي الدور على الجماهير الموجودة في كردستان، ومحاسبة سياسييهم، خاصة مسعود والحاشية، التي تسرق بمقدرات العراقيين أجمع وليس مواطني الإقليم .