الحكيم يحرك الجليد ...
رحيم الخالدي
بات اليوم تاريخ عائلة الحكيم، معروفاً لدى كل العراقيين بالخصوص والعالم بالعموم، وصفحات التاريخ كتبت عنهم منذ تولي زعيم الطائفة آنذاك لحد يومنا المعاصر، وما تلت مابين الحاضر والماضي فترة عسيرة على هذه العائلة، فشملها الحكم الإعدام بالجملة لجل البارزين منهم، ونجا نفر قليل! أمّا فَرَّ من حكم الطاغية، أو بقي بقدرة الباري، ومن عاش معنا في الفترة الأخيرة، السيد محمد باقر الحكيم (قدس) وعزيز العراق السيد عبد العزيز الحكيم (ره) وبقي السيّد عمار الحكيم، وهو من النوادر كما يعبر عنه كثير من السياسيين .
إستلم زعامة المجلس الأعلى السيد عمار بوصية من والده، وإجماع هيئة القيادة، فكان بارعا حسب كثير من المتابعين للمشهد السياسي، ولا ننكر الجمهور الذي كان يؤيده، فكان الأول من حيث الجمهور، لكن هنالك إنعطافة حدثت أثناء إنفصال منظمة بدر عن المجلس الأعلى، وكان الحديث الذي يدور في الكواليس، أن للسيد عمار رؤية بعدم المشاركة في الحكومة، لأنه يعتقد أنها فاشلة! ولا يريد الإشتراك بذلك الفشل، عكس ما كان يعتقده العامري، فكان الإنفصال وتولي العامري حقيبة النقل، وهذا أحدث فرقا بسيطا مع الإحتفاظ بعلاقات جيدة لكلا الطرفين، دون تسجيل سلبية تذكر وهذا يحسب لكليهما .
المتابع للسنين التي تولى في السيد عمار الحكيم، أنه أسس كيان جديد تعويضاً عن بدر، فكان تجمع الأمل الذي إستطاع بفترة وجيزة، أن يجمع جماهير كبيرة! وأحدث فرقا كبيراً، من حيث جذب الكفاءات وزجها بالإنتخابات، وحصلت على مقاعد سواء في مجلس النواب، أو في مجالس المحافظات، وهذا أيضا أوجد مشكلة أدت بالنهاية لكثرة الكلام، حول تصرف السيد عمار الحكيم من قبل بعض القيادات، بتفضيل فئة الشباب على قيادات كبيرة السن، مما أدى الى خروج السيد الحكيم من المجلس، مؤسساً تيارا جديدا أسماه الحكمة، وبالطبع هذا التصرف كان صادماً حسب تعبير أحدهم !.
بعد تأسيس تيار الحكمة، وبقاء وإنتقال الجماهير المؤيدة لكلا الطرفين، بدأ التحرك من القيادات للمجلس بالظهور الإعلامي، بيد أنهم بالفترة السابقة لم يكن هذا التواجد والظهور موجوداً! والإجتماعات تكاد تكون منعدمة أو تخلوا منها، وهذا يبعث على التساؤل، هل كان الحكيم محتكرا الظهور؟ وإصدار القرارات وما عليهم سوى القبول، أو أن هنالك شيء مبهم! وأوله أن الجمود السابق كان مقصوداً، والتحرك اليوم بغضاً به، مع العلم أن الحكيم بارك لمن يذهب للجانب الآخر، ورحب بمن يبقى معه، موصياً جماهيره بعدم التعرض والإتهام لتلك الجماهير التي بقت على المجلس الأعلى .
راهن الكثير من المبغضين لآل الحكيم، أن الجمهور الذي يتمتع به الحكيم، بعد الإنفصال سيذهب للطرف الآخر! يعني بقائه على حاله، وما التجمعات التي أعلنت ولائها عند تأسيس تيار الحكمة مستأجرين، لكن المفاجئة التي صدمت هؤلاء! يوم الأول من محرم الحرام، التي أقامها التيار في ملعب القوة الجوية في بغداد، كانت متواجدة وبقوة، سيما باقي المحافظات الأربعة عشر، التي بقت على عهدها مع الحكيم، وهذا يجب أخذه بالحسبان، كون المواطن حر في إختياره كما لغيره من التيارات والأحزاب والتجمعات، التي تنتمي لكل منهم، وتلك الجماهير ترى في السيد الحكيم أنه قدوتهم ويمثلهم، ويطرح معاناتهم، سواء في المناسبات أو الاجتماعات على مستوى العراق والمنطقة .
نتمنى من كل تياراتنا وأحزابنا، أن تعي المرحلة القادمة، ويجب لكل منهم تحمل الدور الذي يلقى على عاتقه، ويحمل الأعباء على ظهره، ويتصدى لكل من ينال من الوطن الذي يحوي الجميع، سيما ونحن اليوم نتصدى لأعتى إرهاب عرفه العالم الحديث، ومقبلون على فترة تقرر مصير العراق، وبناء الدولة لا يأتي من الحبر على الورق وإصدار الأوامر، بل من المتابعة الميدانية وتصحيح الأخطاء التي أوقعتنا بها المحاصصة في السنوات السابقة، من خلال زج أشخاص يعبر عنهم إنتهازيون، أنتج سرقة أموال العراق وتهريبها للخارج، والبنى التحتية تكاد تكون منعدمة، مع ديون ستكون عالة علينا، ولليوم لم نوفي الديون التي وضع صدام العراق عتبة الإستجداء .