ندرك ان العرب ومنذ رحيل عبد الناصر لم يعد لهم كيان سياسي يجمعهم,لاءات الخرطوم في ذروة النكبة,ذهبت معه واستبدلت بالأرض مقابل السلام, ابواب عواصمنا مشرعة في وجه ساسة الكيان المغتصب لفلسطين,يستقبلون بالأحضان وآخرون يستقبلونهم على حياء ويقيمون معهم علاقات متميزة في شتى المجالات وللعدو سفارات ومكاتب ارتباط وتبادل زيارات وإقامة امسيات ثقافية (تطبيع ثقافي) بحجة ان اليهود الوافدين من بعض البلاد العربية يحنّون الى اوطانهم.

كنا نعتقد ان انتفاضة 30 يونيه المصرية ضد الاخوان ستصوب المسار الذي انحرف بفعل زعماء المال فساهموا في نكبة (الربيع العربي) ولكن يبدو ان الزعامة المصرية الحالية قد انحنت لتيار الشرق الاوسط الجديد المدمر علّها تخرج منه بأقل الأضرار, لقد سلبت الزعامة منها, فمواقفها تدعونا الى الشفقة عليها.

لقد افلح الاردن في ان يكون الزعماء العرب على مرمى حجر من الاقصى,علّهم باستخدام مناظيرهم(تلسكوباتهم)يشاهدون ما حل بالضفة من تمزيق لأوصالها عبر البؤر الاستيطانية اللامحدودة, وان الحديث عن اقامة دولتين انما هو ضرب من الخيال.اكاد اجزم بان من اجتمع بالبحر الميّت قد ماتت القضية في عقولهم وأنهم يسعون وبكل الطرق الى دفنها وقد قبضوا ثمن ذلك,ويبقى الفلسطينيون مشردين في محاولة ممن يدّعون بشرف الانتساب الى بني يعرب ويكتبون التيه على الفلسطينيين اسوة ببني اسرائيل.

تحدث ملك الاردن,سليل بني هاشم(!)الوصي عن المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس بأنها مسؤولية تاريخية يتشرف الأردن بحملها نيابة عن الأمتين العربية والإسلامية. وأضاف بالقول بأنه سيواصل دوره في التصدي لأي محاولة لتغيير الوضع القائم، وفي الوقوف بوجه محاولات التقسيم،الزماني أو المكاني، للمسجد الأقصى.ترى عن أي وضع قائم يتحدث؟لقد اختزلت فلسطين التاريخية في حدود 4 حزيران,ما لبث ان اختزلت في القدس بل اصبح الحديث عن القدس الشرقية نوع من التفاخر, والتمني على ترامب بعدم نقل سفارة بلاده اليها.

العراق لم يعد ارض السواد,بل اصبحت راياته سوداء دلالة على مدى الجور والظلم والاستبداد الذي يلحق بأهله,سوريا تصارع امما تنهشها من كل الاطراف,اليمن لم يعد سعيدا بل يفتقر الى ابسط سبل العيش,اما بشان ليبيا فان الحكام العرب ابوا إلا ان يثبتوا لليبيين بأنهم شعب لم يبلغ الرشد بعد,فاستهتروا بخياراتهم الديمقراطية (الانتخابات البرلمانية) فاعلنوا وبكل وقاحة اعترافهم بمجلس الوصاية وتقديم الدعم السياسي والمادي واعتباره الجسم الشرعي الوحيد في ليبيا والامتناع عن الدعم والتواصل مع مؤسسات موازية(منتخبة). والتأكيد على دعم مجلس الجامعة العربية للتنفيذ الكامل للاتفاق السياسي الليبي، الموقع في الصخيرات المغربية.نتمنى على مجلس النواب ان يعلن انسحاب ليبيا من (الجامعة)التي لم تعد عربية بل اصبحت اداة طيّعة لتنفيذ مخططات الغرب. 

الذي لاشك فيه ان زعماء الخليج العربي قد افلحوا في الاطاحة ببعض الحكام العرب, لكن تلك البلدان التي شملها التغيير لم يتحقق لمواطنيها الفردوس الموعود,بل اصبحت الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية اشد وطأة,اما عن الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة وحرية التعبير,فحدث ولا حرج,اصبح لدينا اكثر من دكتاتور,والسجون امتلأت بأصحاب الرأي الاخر. الشعوب المنكوبة في كل من العراق سوريا اليمن ليبيا تونس مصر لا تزال تعيش حالة مخاض عسير,مع كل المحن هناك بصيص امل, وسيجد الشرفاء طريقهم الى توحيد الامة وسيهزم اصحاب الصولجانات ورؤوس الاموال ويولون الدبر.

ميلاد عمر المزوغي.