جميعنا نَمّر بسوء تغذية، ليست التغذية التي تسبب لنا البدانة او مرض السكري والضغط، انما نوع آخر ومهم من سوء التغذية الذي نمضي فيه دون أن نشعر.. نوع آخر معنوي و نفسي.. وبالفعل تنطبق عليه نفس العبارة : "سوء تغذية"؛ نغذي أنفسنا بالإحباط والغضب والتوتر معتقدين ان هذا شعور بالمسؤولية، نغذي روحنا بالإكتئاب و الحزن مستسلمين للحظة ضيق، ونغذي انفسنا بالضعف مستسلمين للادماننا على عادة سيئة !
يومياً وبين جميع المواقف التي نمر بها.. هناك مواقف يكن لنا تأثير ودور أساسي بها.. وبالتأكيد تَصرُفنا وطريقة تَعامُلنا مع هذه المواقف سيعكِس وِجهة نظرنا وماذا نعتقد وبالتالي سنبرِز انطباع لنا ربما يخلد في عقول من نواجه . صحيح !
غير ان في معظم واغلب الحالات لا تَظهر ردة فِعلنا الحقيقية ودافِعنا الفعلي الذي يُفترض أن يدعم رأينا، ويجب ان نذكر ان كل هذا وأكثر نتيجة تغذية غير سليمة لعقولنا ثم قلوبنا.. كعادات تبدو لنا مُرضية وممتعة، لكنها على المدى القريب تُظهر عواقبها
"سوء التغذية" : نظرية جديدة سأحاول اثباتها لكم اليوم بمضمون آخر عما اعتدتم السماع عنه من قبل، سأشرح معنى جديد في (سوء التغذية النفسي ) وهو اقوى اختصار يمكن لي تقديمه لكم للحالة العامة التي تجعلنا نتصرف عكس دوافعنا إطلاقاً. وذلك خطير وليس هيِّن خصوصا لو تجاهلناه لفترة !
# إن كنتم متابعين لمقالاتي ستلاحظوا ان الشيء المشترك في جميعها حتى الآن، أنني أركز على موضوع او حالة نفسية عامة واحاول كشف و مناقشة السبب الرئيسي او الأسباب المهمة والمؤثرة بها. هنا ركزت لكم على أهم مسألة و ذكرتها تقريبا في جميع مقالاتي السابقة لكن أحضرتها اليوم لأخصص لها غرفة خاصة !
________________________________ _ _ _ _ _ _ _
سنشبّه الامر بسوء التغذية الذي نعرفه حتى نفهم العلاقة بسهولة:- تخيل نفسك وانت تأكل اليوم على الغداء (وجبتك المفضلة) من الأرز والدجاج او اللحم.. و تخيل عندما تتناول شوربة خضار يوميا او حساء العدس! هذا الشعور يختلف من شخص لآخر. وليس شرط ان يكون الطعام الصحي غير مستساغ أو مُرّ .. لأنه في اغلب الأحيان يكون ذلك لسبب تجربتنا ووجهة نظرنا الشخصية للطعام على انه (صحّي و مؤلم، أو دَسِم و لذيذ)!
■ فكّر فيما تفعله و ماذا ستكون نتائجه. دعني ابدأ أولا ولك حرية التوقع:
• حياته قبل اجتياز ال17 عاماً
الشخصية التي إعتاد أن يكونها بكل راحة وطبيعة كانت الهدوء والصمت القاتل. وفيصمته وجمود ملامحه يحلل ما يحدث حوله، وعلى الرغم ان نَفسه كان يملؤها الحماس والرفاهة، فكان الخجل أكثر شيء يمكنك ان تصفه وتجده فيه.
كان في عالم موازي بل ومختلف تماما للعالم الذي اعتاد جسده أن يعيش فيه، (لدرجة انه لا يواجه صعوبة في قرأة كتاب وسط ضوضاء الحافلة المدرسية وارهاقه الشديد من انهاء الدوام) يمكنك ان تقول غريب الأطوار، تلك الشخصية غريبة الأطوار كانت مرغوبة بشدة ومحل إحترام للجميع .
• النصف الاول من ال 18 عاما.. بداية الجامعة
وقبل بدء العام الجامعي الجديد ومرحلة جديدة لكل من عاشوا اثنا عشر عاما داخل مبنى يسمى بالمدرسة.. يفترض ان تكون أصعب فترة للتأقلم وخصوصا للشخصية التي ذكرتها لك..الشخصية التي استطاعت كسب اصدقاء بعد ان كانو زملاء ثانوية في فترة عامين دراسيين! شخصيتي... ما حدث كان عكس ذلك تماماً!
كانت صدمة ! حالة اشبه بالشيزوفرينيا.. لقد تم اطلاق سراح الشق الآخر (الحماس والرفاهة) عن ذلك الوقار... ذلك الخجل وكأن لم يعد له وجود.. اكتسبت زملاء أقرب لان يكونوا أصدقاء أوفياء في خلال اسبوعان فقط !
• اليك السر واليك النتيجة الحاسمة للأمر :
على الرغم ان زملاء الثانوية الذي استطعت التأقلم معهم في خلال سنة وباتوا أصدقاء لي في السنة الأخيرة من الثانوية كان ذلك أمر يسبب لك اليأس والشفقة على تلك الشخصية المعقدة .. الا أنهم قد فهموا ما وراء تلك الملامح وأحبوها. لكن ما قد حصل معي عند بداية الجامعة واندفاعي الكبير والمبالغ فيه (ويجب ان اذكر ان المحيط كان مشحون بالحماس والتفاؤل) قد أظهر الجزء المدفون في تلك الشخصية (البساطة و الرفاهة).. لكن للأسف أعطى إنطباعا لم يكن مرغوب فيه ولم يكن هو الهدف .
الملخص :
دع الجزء الذي تفضله فيك و تستمع به ضيف عزيز على اصدقائك و جميع من تهتم لأمرهم .
أما الجزء الأساسي فيك والعملي أو (الشكل الذي ترغب ان يعبر عنك) هو ملامحك و تصرفاتك اليومية و عاداتك، لأن ذلك ما سيؤثر. لن يفهم أحد السبب مما تفعله، انهم ينظروا الى تصرفاتك ويحكموا عليك، تذكر ان تجعل لذلك الضيف العزيز مكانته ان تجعله نادر الزيارة وجميل الطلة .
والله الهادي