ندرك جيدا ان ما يجري بليبيا ليس لصالح شعبها,بل لنهب خيراتها,فهي عملية تدمير ممنهجة للبنى التحتية وان كانت بسيطة!,ومن ثم توظيف ما تم توفيره من أموال في عملية إعادة الاعمار التي ستقوم بها حتما الشركات الغربية,حيث ستشغل المصانع المختلفة ويتم استيعاب اعداد هائلة من العاطلين عن العمل,اما شبابنا فإنهم يظلون وقودا لحرب مستعرة,قوافل من الشهداء وطوابير من ذوي العاهات المستديمة.
المبادرات الإقليمية والدولية لحل المشكل الليبي لم تنقطع يوما,بل هناك تنافس شديد بين الاشقاء والأصدقاء للظفر بالاستضافة,أبواب بعض النزل الراقية والدارات الفخمة مفتوحة على مصارعها على مدار الساعة, فالكلفة مدفوعة مسبقا,وكأنما الأموال الليبية بالخارج(المجمدة) قد اعدت لهذا الغرض.
المتنفذون بالوطن وما اكثرهم,يحطون رحالهم في مختلف بقاع المعمورة (سياحة,ورش عمل, تقديم الولاء والطاعة وتلقي الاوامر) وكأنهم في عجلة من امرهم,يسارعون الزمن,الوقت من ذهب اسود (مع ارتفاع صادراته) مسال بكافة العملات الأجنبية,الفرص قد لا تتكرر,الشركات الناقلة لو انها حسبت لهم المسافات المقطوعة,لحلوا في التراتيب الأولى,بل حطموا الأرقام القياسية ومن ثم الظفر بتذاكر سفر واقامات مجانية ما بقي من أعمارهم المديدة.
انتصارات الجيش في بنغازي رفعت من معنويات العامة,جعلتهم يطالبون بتدخل العسكر والقضاء على الميليشيات الجهوية والمؤدلجة وتلك التي تعمل لأجل الارتزاق,الذي لاشك فيه ان هناك قوى إقليمية ودولية لا تتمنى عودة الاستقرار الى البلد وقيام جيش قوي وأجهزة امن مهنية,من المؤكد ان هذه القوى لا ترغب في الجيش بان يدخل العاصمة وتسقط بذلك حكومة الوصاية,التي حشّد لها الغرب كل الإمكانيات المادية والإعلامية لان تبقى أطول مدة ممكنة.
القوات التابعة لرئاسة الأركان العامة بالمنطقة الغربية لا تزال تقبع في اماكنها,لم تحرك ساكنة ,كان بإمكانها ان تقوم بالسيطرة على المناطق المحيطة التي تعتبر حاضنة شعبية للجيش وبالتالي تضيق الخناق على من يسيطرون على العاصمة,حقيقة لا نعلم ان كان ذلك نقصا في التسليح بمختلف انواعه؟,ام انه خوف من خوض معارك غير مضمونة العواقب؟,ام ان القيادة العامة تشكك في ولاء الجيش بالمنطقة الغربية لها؟ ومن ثم الإبقاء على وضع السكون الى ان تتضح الأمور,فقد لا تكون هناك حاجة لدخول العسكر الى العاصمة,وليبقى "الفاتحون" في اماكنهم,وكفى الله المؤمنين شر القتال.
المتعارف عليه ان القوات الحكومية عندما تتقدم, فان المساحات التي خلفها(الأراضي المحررة) حتما ستخضع لسلطات تلك الحكومة,الملاحظ ان المنطقتان الوسطى والجنوبية لا تزالان تخضعان لسلطة العاصمة,بل نجد ان السلطات المحلية بها تسارع الى تقديم الولاء والطاعة لها!,ترى هل ذهبت تضحيات الجيش وشباب المناطق هباء منثورا ام انها قدمت على طبق من ذهب كعربون صداقة لحكومة الوصاية؟ ام ان ذلك ضمن الملاحق السرية لاجتماع أبو ظبي؟ نأمل ان يكشف اجتماع باريس عن المستور وتتضح الحقائق المغيبة عن الناس بفعل وسائل الاعلام الرخيصة.
مؤتمر باريس محطة انتظار أخرى لقطار(يعلق عليه الكثير امالهم),وقد يدهس القطار تلك الامال ليذهب زبد الوعود جفاء,فتتعمق المآسي وتستمر المعاناة,وان غدا لناظره قريب .
ميلاد عمر المزوغي