ربما كان اختيار رودس من قبل المنضمين للملتقى على خلفية ان اليهود قدموا الى ليبيا من بلاد الاغريق العام 60 م بعد ان تعرضوا لأعمال تعذيب ومن ثم تهجير الى دول حوض المتوسط, بمعنى انهم يحنون الى ذاك المكان الذي ظل مرتبطا بمخيلتهم طوال هذه القرون,لا غرو انهم ارادوا ان ينطلقوا ثانية من رودس لاستعادة امجادهم.
قد نختلف عن اسباب اللقاء وفي هذا الوقت بالذات والجهات الراعية له,ولكننا نقف مشدوهين, عندما نشاهد ان من بين الحضور مسئولون صهاينة يغتصبون تراب فلسطين ونكلوا ولا يزالون بشعب عبر بقضيته الى القرن الواحد والعشرين,ولم تفلح كل الدول والمؤسسات العالمية في ارجاع المهجرين منهم عنوة الى بلداتهم المغتصبة الاخذه في الاضمحلال عند مطلع كل شمس.
الحضور كان يجمع مشايخ وتجار واعيان الجالية اليهودية الليبية, ومثقفون وكتبة (ليبيون) يعتبرون انفسهم عابرون للحدود,ليسوا ملتزمين بدين او بأعراف اوعادات او تقاليد,او غضبة شعب قهرته السنون العجاف التي اثّرت في تصرفاته ومحياه,فهؤلاء ليست لديهم خطوط حمراء,نجزم بأن (فضولهم) قد قادهم الى توسل السيد روفائيل ليقدم لهم دعوة حضور, ليكونوا شهودا على ما جرى ويكون لهم السبق الصحفي من خلال بعض الكتابات التي نراها تعمق الفجوة بين مكونات المجتمع, فينالون نصيبهم من الشهرة (المنحطة), ليضعونا في الصورة ويتصدقوا علينا ببعض الصور الناطقة.
القسم الاخر من الحضور كان يمثل تيار سياسيا محددا وهم محسوبون على حكومة الانقاذ التي لم تستطع انقاذ نفسها فكتب عليها التيه,رئيسها نفى علمه بالملتقى لكن روفائيل اكد بأنه بارك الحدث واثنى على القائمين عليه,هكذا عودتنا حكومة الانقاذ منذ تهجيرها عن العاصمة, فالمطار الذي اعلنت عن افتتاحه وفي خلال مدة قصيرة سيتم تشغيله ليكون المنفذ الجوي المعتمد لها يقع اليوم تحت سلطة حكومة الوفاق حيث دشنت اولى رحلاته الخاصة,انها بين الفينة والأخرى تخرج علينا لتثبت لنا انها موجودة,بئس الوجود بالغرف المغلقة, يتم بث بياناتها من خلال بعض القنوات كما كان يفعل تنظيم القاعدة.
لقد رأيناهم يحضنون بعضهم بعضا,لا نشك انهم ابناء عمومة,بل انهم اخوة متحابّون فقد يكون بعضهم من نسل اسحاق وليس اسماعيل ابو العرب,تمنينا على الذين يمثلون الطرف المقيم بالوطن, لو انهم اجتمعوا مع من يخالفونهم الرأي,اصحاب نفس العقيدة والمذهب,ألا يكفي ما حل بالبلاد من خراب ودمار وقتل وتشريد.
الذي نخشاه هو ليس عودة يهود ليبيا,ولكن مدى ارتباطهم بالصهيونية العالمية التي ترى في فلسطين ارض الميعاد,وإقامة الدولة الدينية التي تحاول تهجير من تبقى من سكان فلسطين,كما اننا نخشى وفي هذا الظرف العصيب الذي تمر به ليبيا,ان يصار الى اعطائهم مبالغ خيالية كتعويض لهم عن سنين التيه ونحن في امس الحاجة الى ما تبقّى من الاموال المجمدة لدى بعض الدول,بل قد يطال ايرادات النفط ولعقود قادمة,وبالتالي تستمر معاناة الشعب وحياة الطوابير التي ألفها ,ربما تكون الطوابير هذه المرة الى خارج الوطن ان لم يقف البحر في طريقهم (ربما الموت على الشاطئ ومن ثم يحتضنهم الوطن افضل بكثير من حياة التيه),ليحلوا لساستنا عمل كل ما عجزوا عن فعله.
ربما تكون ليبيا فلسطين ثانية, ألم تكن من ضمن الاراضي لإقامة شعب الرب المختار؟.
ميلاد عمر المزوغي